صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. فَعَلَى هَذَا، قَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : يَجِبُ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ الْمُوَكِّلِ فَيَقُولَ: اشْتُرِيَتُ نَفْسِي مِنْكَ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: اشْتَرَيْتُ نَفْسِي، صَرِيحٌ فِي اقْتِضَاءِ الْعِتْقِ، فَلَا يَنْدَفِعُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِرَجُلٍ: اشْتَرِ لِي نَفْسِي مِنْ سَيِّدِي، فَفَعَلَ، صَحَّ. قَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : وَيُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعَبْدِ، فَلَوْ أَطْلَقَ، وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَرْضَى بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ الْإِعْتَاقَ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَالَ لِرَجُلٍ: أَسْلِمْ لِي فِي كَذَا، وَأَدِّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ مَالِكَ، ثُمَّ ارْجِعْ عَلَيَّ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَصِحُّ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ قَرْضًا عَلَى الْآمِرِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْإِقْبَاضِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْضٌ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، سَهْوٌ مِنْهُ. قَالَ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ، أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَبْرَأَ وَكِيلُ الْمُسَلِّمِ الْمُسَلَّمَ إِلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْ إِبْرَاؤُهُ الْمُوَكِّلَ. لَكِنَّ الْمُسْلَّمَ إِلَيْهِ لَوْ قَالَ: لَا أَعْلَمُكَ وَكِيلًا، وَإِنَّمَا الْتَزَمْتُ لَكَ شَيْئًا وَأَبْرَأْتَنِي مِنْهُ، نَفَذَ فِي الظَّاهِرِ، وَيَتَعَطَّلُ بِفِعْلِهِ حَقُّ الْمُسَلِّمِ. وَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ قَوْلًا الْغُرْمُ بِالْحَيْلُولَةِ. وَالْأَظْهَرُ: وُجُوبُهُ، لَكِنْ لَا يَغْرَمُ مِثْلَ الْمُسَلَّمِ (فِيهِ) وَلَا قِيمَتَهُ، كَيْ لَا يَكُونَ اعْتِيَاضًا عَنِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ رَأْسَ الْمَالِ، كَذَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَاسْتَحْسَنَهُ. وَرَأَيْتُ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُوَكِّلِ مِثْلَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ: اشْتَرِ لِي طَعَامًا، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute