للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَعَلْنَاهُ مُنْكِرًا، فَإِنْ أَصَرَّ، جَعَلْنَاهُ نَاكِلًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ حُصُولُ الْغَرَضِ بِلَا حَبْسٍ، لَا يُحْبَسُ.

وَالثَّالِثُ: إِنْ أَقَرَّ بِغَصْبٍ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ الْمَغْصُوبِ، حُبِسَ. وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُبْهَمٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي.

وَالرَّابِعُ: إِنْ قَالَ: عَلَيَّ شَيْءٌ، وَامْتَنَعَ مِنَ التَّفْسِيرِ، لَمْ يُحْبَسْ. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ ثَوْبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ، حُبِسَ، قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ، وَأَشَارَ فِي شَرْحِ كَلَامِهِ إِلَى أَنَّ الْفَرْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُتَوَجَّهُ بِذَلِكَ مُطَالَبَةٌ وَحَبْسٌ.

فَرْعٌ

إِذَا فُسِّرَ الْمُبْهَمُ بِتَفْسِيرٍ صَحِيحٍ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيُبَيِّنْ جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ، وَلْيَدْعُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيهِ. ثُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، بِأَنْ فَسَّرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لِي عَلَيْكَ مِائَتَانِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إِرَادَةِ الْمِائَةِ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَيَحْلِفُ لِيُقِرَّ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَادَ بِهِ الْمِائَتَيْنِ، حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْمِائَتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيهِ إِلَّا مِائَةٌ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: لَا بُدَّ مِنْ يَمِينَيْنِ. فَلَوْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمِائَتَيْنِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، وَفَسَّرَ الْوَارِثُ، فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً، فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ إِرَادَةِ الْمُورَثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ مِنْ حَالِ مُورِثِهِ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيهِ غَيْرُهُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَمِثْلُهُ: لَوْ أَوْصَى بِمُجْمَلٍ وَمَاتَ، فَفَسَّرَهُ الْوَارِثُ، وَزَعَمَ الْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ، يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْإِرَادَةِ.

وَالْفَرْقُ، أَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يَطَّلِعُ عَلَيهِ، وَالْوَصِيَّةُ إِنْشَاءُ أَمْرٍ عَلَى الْجَهَالَةِ، وَبَيَانُهُ: إِذَا مَاتَ (الْمُوصِي) إِلَى الْوَارِثِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ، فَيُنْظَرُ، إِنْ صَدَّقَهُ فِي الْإِرَادَةِ، فَقَالَ: هُوَ ثَابِتٌ لِي عَلَيهِ، وَلِي عَلَيهِ مَعَ ذَلِكَ كَذَا، ثَبَتَ الْمُتَّفَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>