للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُبِلَ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَهُمْ شُهُودَ زُورٍ، وَيَقْصِدُ أَنَّ الْقَلِيلَ الْحَلَالَ أَكْثَرُ بَرَكَةً مِنْ كَثِيرٍ يُؤْخَذُ بِالْبَاطِلِ. وَلَوْ قَالَ: أَكْثَرُ مِمَّا قَضَى بِهِ الْقَاضِي عَلَى فُلَانٍ، فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُ الْقَدْرُ الْمَقْضِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِّ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ، فَيُقْبَلُ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِي بِشَهَادَةِ كَاذِبَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ، قُبِلَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، لَمْ يَلْزَمْهُ التَّفْسِيرُ بِجِنْسِ الدَّرَاهِمِ، لَكِنْ يَلْزَمُ بِذَلِكَ الْعَدَدُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ فُسِّرَ، وَزِيَادَةُ أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ، كَذَا قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» ، وَهُوَ مُخَالِفٌ مَا سَبَقَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِلْزَامُ ذَلِكَ الْعَدَدِ.

وَالثَّانِي: إِلْزَامُ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِلْأَكْثَرِيَّةِ، بِنَفْيِهِمَا جَمِيعًا. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، وَكَانَ فِي يَدِ فُلَانٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَزِيَادَةُ أَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ.

وَالْأَصَحُّ: مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ، حَمْلًا لِلْأَكْثَرِ عَلَى مَا سَبَقَ. وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ: أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ بِمَا دَونَ الثَّلَاثَةِ، قُبِلَ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَقَالَ الْمُقِرُّ: لَمْ أَعْلَمْ، وَظَنَنْتُهَا ثَلَاثَةً، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ: كَذَا. فَإِذَا قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا كَذَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: كَذَا، وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، لَزِمَهُ التَّفْسِيرُ بِشَيْئَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، بِحَيْثُ يُقْبَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ كَذَا. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ شَيْءٌ شَيْءٌ، أَوْ شَيْءٌ وَشَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا دِرْهَمٍ، يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ فَقَطْ، وَكَانَ الدِّرْهَمُ تَفْسِيرُ مَا أَبْهَمَهُ. وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ: يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا إِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ اسْمٍ مُفْرَدٍ يَنْتَصِبُ الدِّرْهَمُ الْمُفَسِّرُ بَعْدَهُ.

وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ: هُوَ الْأَوَّلُ. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ، بِأَنَّ فِي تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ لَا يُنْظَرُ إِلَى الْإِعْرَابِ. وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>