للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهِ مُبَاحَثَةٌ، لِأَنَّا إِذَا غَرَّمْنَا الْمُقِرَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لِلثَّانِي، فَإِنَّمَا نُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَهُنَا جَعَلْنَاهُ مُقِرًّا بِالْيَدِ دُونَ الْمِلْكِ، فَلَا وَجْهَ لِتَغْرِيمِهِ، بَلِ الْقِيَاسُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ يَدِهِ: أَكَانَتْ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؟ فَإِنْ كَانَتْ بِإِجَارَةٍ، غَرِمَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ رَهْنًا، غَرِمَ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ لِيَتَوَثَّقَ بِهِ زَيْدٌ، وَكَأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ. ثُمَّ إِنِ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، رُدَّتِ الْقِيمَةُ عَلَيهِ.

فَرْعٌ

قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَحَدِكُمَا، طُولِبَ بِالتَّعْيِينِ، فَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمَا، سُلِّمَتْ إِلَيهِ. وَهَلْ لِلثَّانِي تَحْلِيفُهُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِلثَّانِي هَلْ يَغْرَمُ [لَهُ] ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا، وَإِلَّا فَنَعَمْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ إِذَا عُرِضَتِ الْيَمِينُ فَيَغْرَمُهُ، فَعَلَى هَذَا، إِذَا نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الثَّانِي، فَإِذَا حَلَفَ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِيمَةُ. وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ كَالْإِقْرَارِ، فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ، نُزِعَتِ الدَّارُ مِنَ الْأَوَّلِ وَسُلِّمَتْ إِلَى الثَّانِي، وَلَا غُرْمَ عَلَيهِ لِلْأَوَّلِ. وَعَلَى هَذَا، فَلَهُ التَّحْلِيفُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لَوْ أَقَرَّ لِلثَّانِي طَمَعًا فِي أَنْ يَنْكُلَ، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ. أَمَّا إِذَا قَالَ الْمُقِرُّ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّكُمَا غَصَبْتُ، وَأَصَرَّ عَلَيهِ، فَإِنْ صَدَّقَاهُ، فَالْعَيْنُ مَوْقُوفَةٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَبَيُّنِ الْمَالِكِ أَوْ يَصْطَلِحَا. وَكَذَا إِنْ كَذَّبَاهُ وَحَلَفَ لَهُمَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ.

قُلْتُ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي تَرِكَةِ مُورَثِهِ لِزَيْدٍ، بَلْ لِعَمْرٍو، سُلِّمَتْ إِلَى زَيْدٍ، وَفَى غُرْمِهِ لِعَمْرٍو طَرِيقَانِ فِي «الشَّامِلِ» وَ «الْبَيَانِ» وَغَيْرِهِمَا:

أَحَدُهُمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>