مِمَّا تَرَكَتْهُ مِنْ أَكْسَابِهَا، وَمَا فَضَلَ فَمَوْقُوفٌ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ. وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَوْلِدِ، مَاتَتْ حُرَّةً، وَمَالُهُا لِوَارِثِهَا بِالنَّسَبِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَهُوَ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَدَّعِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بِزَعْمِهِ عَلَى الْمُسْتَوْلِدِ وَهِيَ قَدْ عُتِقَتْ بِمَوْتِهِ، فَلَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ مِمَّا جَمَعَتْهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ. هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا أَصَرَّ عَلَى كَلَامَيْهِمَا. أَمَّا إِذَا رَجَعَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، وَصَدَّقَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَلَا يُقْبَلُ فِي رَدِّ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ، وَتَكُونُ أَكْسَابُهَا لَهُ مَا دَامَ الْمُسْتَوْلِدُ حَيًّا. فَإِذَا مَاتَ، عُتِقَتْ وَكَانَتْ أَكْسَابُهَا لَهَا. وَلَوْ رَجَعَ الْمُسْتَوْلِدُ، وَصَدَّقَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ، لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِقْرَارُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ مَقْبُولٌ. فَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِدَيْنٍ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ، فَقَوْلَانِ.
الْقَدِيمُ: أَنَّ عَلَى الْمُقِرِّ قَضَاءَ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنَ التَّرِكَةِ إِنْ وَفَى بِهِ، وَإِلَّا فَيَصْرِفُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ إِلَيهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَالْجَدِيدُ: أَنَّهُ لَا يُلْزِمُهُ إِلَّا بِقِسْطِ حِصَّتِهِ مِنَ التَّرِكَةِ. فَعَلَى الْجَدِيدِ: لَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْآنَ جَمِيعُ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، لِحُصُولِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي يَدِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَرْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَوْ شَهِدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمُورَثِ. إِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ بِالْإِقْرَارِ إِلَّا حِصَّتُهُ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ. وَسَوَاءٌ كَانَتِ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ.
الثَّانِي: كَيْسٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فِيهِ أَلْفٌ. قَالَ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ: لَكَ نِصْفُ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ، فَهَلْ يُحْمَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى النِّصْفِ الْمُضَافِ إِلَيهِ، أَمْ عَلَى نِصْفِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ الرُّبُعُ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
قُلْتُ: أَفْقَهُهُمَا الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute