وَلَوِ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا بَعْدَ مَوْتِهِ، لَحِقَهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ، أَمْ لَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى التُّهْمَةِ بِطَلَبِ الْمَالِ، بَلْ يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ، حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، قُبِلَ مِنْهُ وَحُكِمَ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ. وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ بَالِغًا، فَوَجْهَانِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ لُحُوقِ الْبَالِغِ تَصْدِيقُهُ، وَلَا تَصْدِيقَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَهُ رُبَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ إِنْكَارِهِ.
وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ كَالصَّغِيرِ. وَمَنَعُوا كَوْنَ التَّصْدِيقِ شَرْطًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ إِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالتُّهْمَةِ كَمَا سَبَقَ. وَيَجْرِي الَوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا طَرَأَ جُنُونُهُ بَعْدَ مَا بَلَغَ عَاقِلًا.
فَرْعٌ
إِذَا ازْدَحَمَ جَمَاعَةٌ عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ بَالِغًا، ثَبَتَ نَسَبُهُ مِمَّنْ صَدَّقَهُ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا، لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ حُكْمُهُ مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِذَا عُدِمَ زَحْمَةُ الْغَيْرِ، شُرِطَ رَابِعٌ فِي الصَّغِيرِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ ذَكَرًا حُرًّا. فَأَمَّا اسْتِلْحَاقُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ، فَسَيَأْتِيَانِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
إِذَا اسْتَلْحَقَ عَبْدَ الْغَيْرِ، أَوْ مُعْتَقَهُ، لَمْ يُلْحَقْ إِنْ كَانَ صَغِيرًا، مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الَوْلَاءِ لِلسَّيِّدِ، بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى الْبَيِّنَةِ. وَإِنْ كَانَ بَالِغًا وَصَدَّقَهُ، فَوَجْهَانِ.
وَلَوِ اسْتَلْحَقَ عَبْدًا فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الْإِمْكَانُ، بِأَنْ كَانَ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ، لَغَا قَوْلُهُ. وَإِنْ وَجَدَ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ، لَحِقَهُ إِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ. وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute