الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَحْجُبَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ، بِأَنْ كَانَ الَوْارِثُ صَغِيرًا فِي الظَّاهِرِ أَخًا أَوْ مُعْتَقًا، فَأَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، فَذَاكَ. وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ، لَمْ يَرْثِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِلدَّوْرِ، وَالثَّانِي: يَرِثُ وَيَحْجُبُ الْمُقِرَّ، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَجَمَاعَةٌ، وَقَالُوا: الْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا، لَوْلَا إِقْرَارُهُ. وَلَوْ خَلَفَ بِنْتًا مُعْتَقَةً، فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ لَهَا، فَهَلْ يَرِثُ وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لَكَوْنِ تَوْرِيثِهِ لَا يَحْجُبُهَا، أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الَوْلَاءِ؟ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
ادَّعَى مَجْهُولٌ عَلَى أَخِي الْمَيِّتِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ، فَأَنْكَرَ الْأَخُ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، ثَبَتَ نَسَبُهُمْ، ثُمَّ إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ مَعَ يَمِينِ الرَّدِّ كَالْبَيِّنَةِ، وَرِثَ وَحُجِبَ الْأَخُ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي إِقْرَارِ الْأَخِ. وَلَوْ مَاتَ عَنِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَأَقَرَّا بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، فَعَلَى الْأَصَحِّ: تُسَلَّمُ الْأُخْتُ نَصِيبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهَا الِابْنُ يَحْجُبُهَا، وَعَلَى الثَّانِي: يَأْخُذُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهَا. وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ خَلَفَ زَوْجَةً وَأَخًا، فَأَقَرَّا بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا الِابْنُ لَا يُنْقِصُ حَقَّهَا، كَمَا لَا يَسْقُطُ الْأَخُ.
إِقْرَارُ الَوْرَثَةِ بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ، مَقْبُولٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحُكِيَ عَنِ الْقَدِيمِ قَوْلُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ. فَإِنْ قَبِلْنَا فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ الْمُسْتَغْرِقَيْنِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَالتَّوْرِيثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute