للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَوَّلُ: فِي الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ، وَالْغَصْبُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، فَلَا يَنْحَصِرُ الْمُوجِبُ فِيهِ، بَلِ الْإِتْلَافُ أَيْضًا مُضَمِّنٌ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِعَارَةُ وَالِاسْتِيَامُ وَغَيْرُهُمَا، وَالْإِتْلَافُ يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ. وَمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْهَلَاكِ، فَقَدْ يُضَافُ إِلَيْهِ الْهَلَاكُ حَقِيقَةً، وَقَدْ لَا. وَمَا لَا فَقَدْ يُقْصَدُ بِتَحْصِيلِهِ حُصُولُ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ الْهَلَاكُ حَقِيقَةً، وَقَدْ لَا لِأَنَّ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ الْهَلَاكُ يُسَمَّى عِلَّةً وَالْإِتْيَانُ بِهِ مُبَاشَرَةً، وَمَا لَا يُضَافُ إِلَيْهِ الْهَلَاكُ وَيُقْصَدُ بِتَحْصِيلِهِ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ، يُسَمَّى سَبَبًا، وَالْإِتْيَانُ بِهِ تَسَبُّبًا. وَهَذَا الْقَصْدُ وَالتَّوَقُّعُ قَدْ يَكُونُ لِتَأْثِيرِهِ بِمُجَرَّدِهِ فِيهِ، وَهُوَ عِلَّةُ الْعِلَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِانْضِمَامِ أُمُورٍ إِلَيْهِ وَهِيَ غَيْرُ بَعِيدَةِ الْحُصُولِ. فَمِنَ الْمُبَاشَرَةِ: الْقَتْلُ، وَالْأَكْلُ، وَالْإِحْرَاقُ. وَمِنَ التَّسَبُّبِ: الْإِكْرَاهُ عَلَى إِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ. وَمِنْهُ مَا إِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي مَحَلِّ عُدْوَانٍ، فَتَرَدَّتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ حُرٌّ، فَإِنْ رَدَّاهُ غَيْرُهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشِرِ الْمُرَدِّي، لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ هَذَا وَبَيَانُ مَحَلِّ الْعُدْوَانِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَرْعٌ

لَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ فَضَاعَ مَا فِيهِ نُظِرَ إِنْ كَانَ

[مَطْرُوحًا] عَلَى الْأَرْضِ فَانْدَفَقَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ، ضَمِنَ. وَإِنْ كَانَ مُنْتَصِبًا لَا يَضِيعُ مَا فِيهِ لَوْ بَقِيَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ سَقَطَ، نُظِرَ إِنْ سَقَطَ بِفِعْلِهِ بِأَنْ كَانَ يُحَرِّكُ الْوِكَاءَ وَيَجْذِبُهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى السُّقُوطِ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ بِمَا يَقْصِدُ تَحْصِيلَهُ بِفِعْلِهِ بِأَنْ فَتَحَ رَأْسَهُ، فَأَخَذَ مَا فِيهِ فِي التَّقَاطُرِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى ابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وَسَقَطَ، ضَمِنَ. وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضٍ كَزَلْزَلَةٍ، أَوْ هُبُوبِ رِيحٍ، أَوْ وُقُوعِ طَائِرٍ، فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهُ فَأَخَذَ مَا فِيهِ فِي الْخُرُوجِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَنَكَّسَهُ مُسْتَعْجِلًا، فَضَمَانُ الْخَارِجِ بَعْدَ النَّكْسِ، هَلْ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>