قَارُورَةَ رَجُلٍ، لَزِمَهُ ضَمَانُهَا، لِأَنَّ فِعْلَ الطَّائِرِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَعِيرٌ فِي جِرَابٍ مَشْدُودِ الرَّأْسِ، بِجَنْبِهِ حِمَارٌ، فَفَتَحَ رَأْسَهُ فَأَكَلَهُ الْحِمَارُ فِي الْحَالِ، لَزِمَ الْفَاتِحَ ضَمَانُهُ، وَلَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ أَوْ فَتَحَ بَابَ الْإِصْطَبْلِ فَخَرَجَتْ وَضَاعَتْ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْقَفَصِ. وَلَوْ خَرَجَتْ فِي الْحَالِ وَأَتْلَفَتْ زَرْعَ رَجُلٍ، قَالَ الْقَفَّالُ: إِنْ كَانَ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنِ الْفَاتِحُ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا ضَمِنَ، كَدَابَّةِ نَفْسِهِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: لَا يَضْمَنُ، إِذْ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُ بَهِيمَةِ الْغَيْرِ عَنِ الزُّرُوعِ.
قُلْتُ: قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ حَلَّ قَيْدَ الْعَبْدِ الْمَجْنُونِ، أَوْ فَتَحَ بَابَ السِّجْنِ، فَذَهَبَ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ الْبَهِيمَةِ. وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ عَاقِلًا، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ آبِقًا فَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا صَحِيحًا، فَذَهَابُهُ مُحَالٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ آبِقًا فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: هُوَ كَحَلِّ رِبَاطِ الْبَهِيمَةِ، فَفِيهِ التَّفْصِيلُ.
فَرْعٌ
لَوْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَى جِدَارِهِ فَنَفَرَهُ لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهُ كَانَ مُمْتَنِعًا قَبْلَهُ، التَّفْصِيلُ وَلَوْ رَمَاهُ فِي الْهَوَاءِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ، سَوَاءٌ هَوَاءُ دَارِهِ وَغَيْرُهُ، إِذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الطَّائِرِ مِنْ هَوَاءِ مِلْكِهِ.
لَوْ فَتَحَ بَابَ الْحِرْزِ فَسَرَقَ غَيْرُهُ، أَوْ دَلَّ سَارِقًا فَسَرَقَ، أَوْ أَمَرَ غَاصِبًا فَغَصَبَ، أَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتِ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ: وَلَوْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَالِ، كَذَا قَالُوهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute