للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَطْعًا. وَلَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوَّمًا بِلَا غَصْبٍ، لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ. فَإِنْ حَصَلَ التَّلَفُ بِتَدَرُّجٍ وَسِرَايَةٍ، وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ قِيمَتُهَا مِائَةٌ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ هَلَكَتْ وَقِيمَةُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ، فَقَالَ الْقَفَّالُ: يَلْزَمُهُ الْمِائَةُ، لِأَنَّا إِذَا اعْتَبَرْنَا الْأَقْصَى فِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ، فَفِي نَفْسِ الْإِتْلَافِ أَوْلَى.

فَرْعٌ

لَوْ لَمْ يَهْلِكِ الْمَغْصُوبُ لَكِنْ أَبَقَ، أَوْ غَيَّبَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ ضَلَّتِ الدَّابَّةُ، أَوْ ضَاعَ الثَّوْبُ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فِي الْحَالِ لِلْحَيْلُولَةِ. وَالِاعْتِبَارُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنَ الْغَصْبِ إِلَى الْمُطَالَبَةِ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُلْزِمَهُ قَبُولَ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ قِيمَةَ الْحَيْلُولَةِ لَيْسَتْ حَقًّا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى قَبُولِهِ، أَوِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ، بَلْ لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ عَنْهَا لَمْ يَنْفُذْ. وَفِي وَجْهٍ: هِيَ كَالْحُقُوقِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَهُوَ شَاذٌّ. ثُمَّ الْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ، يَمْلِكُهَا الْمَالِكُ كَمَا يَمْلِكُ عِنْدَ التَّلَفِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا، وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ، فَإِذَا ظَفِرَ بِالْمَغْصُوبِ، فَلِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُ وَرَدُّ الْقِيمَةِ، وَلِلْغَاصِبِ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ. وَهَلْ لَهُ حَبْسُ الْمَغْصُوبِ إِلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهَا؟ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا حَكَى ثُبُوتَ الْحَبْسِ لِلْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ، لَكِنْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ثُبُوتِ الْحَبْسِ لِلْمُشْتَرِي، وَذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ: الْمَنْعُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَبْسُ الْغَاصِبِ فِي مَعْنَاهُ، وَالْمَنْعُ هُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَإِذَا كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَبْذُولَةُ بِعَيْنِهَا بَاقِيَةً فِي يَدِ الْمَالِكِ، فَلِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ إِمْسَاكُهَا وَغَرَامَةُ مِثْلِهَا أَمْ لَا. قُلْتُ: الْأَقْوَى: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ، ثُمَّ التَّضْمِينُ

<<  <  ج: ص:  >  >>