للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِقْرَارُ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى الْبَيْعُ بِحَالِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ بِالْغَصْبِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ. ثُمَّ لَوْ عَادَ الْعَبْدُ إِلَى الْبَائِعِ بِإِرْثٍ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إِلَى زَيْدٍ. وَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا، سُلِّمَ الْعَبْدُ إِلَى زَيْدٍ، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ أَوْ بَدَلُهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا. وَلَوْ جَاءَ الْمُدَّعِي بَعْدَمَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، لَمْ يَبْطُلِ الْعِتْقُ، سَوَاءٌ وَافَقَهُمَا الْعَبْدُ أَوْ خَالَفَهُمَا، لِأَنَّ فِي عِتْقِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تَوَافَقُوا عَلَى تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ. وَلِلْمُدَّعِي فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ إِنِ اخْتَصَّ بِتَصْدِيقِهِ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْغُرْمَ لِلْحَيْلُولَةِ فِيمَا إِذَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو، وَعَلَى الْمُشْتَرِي إِنِ اخْتَصَّ بِتَصْدِيقِهِ، وَعَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إِنْ صَدَّقَاهُ جَمِيعًا. وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَكْثَرَ، فَلَا يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالزِّيَادَةِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَقَدْ كَسَبَ مَالًا، فَهُوَ لِلْمُدَّعِي، لِأَنَّ الْمَالَ خَالِصُ حَقٍّ آدَمِيٍّ، وَقَدْ تَوَافَقُوا أَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ، كَذَا أَطْلَقُوهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى كَسْبٍ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْعَبْدُ، فَأَمَّا كَسْبٌ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّعِي، لِاعْتِرَافِهِ بِخُلُوِّهِ عَنِ الْإِذْنِ.

قُلْتُ: وَلَوِ ادَّعَى الْغَاصِبُ رَدَّ الْمَغْصُوبِ حَيًّا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ مَاتَ عِنْدَكَ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، تَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ وَسَقَطَتَا، وَضَمِنَ الْغَاصِبُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْغَصْبِ. وَلَوْ قَالَ: غَصَبْنَا مِنْ زَيْدٍ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ: كُنَّا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ، وَخَالَفَهُ زَيْدٌ، قَالَ فِي الْبَيَانِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا زَادَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>