للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ الْوَفَاءِ إِلَى السَّيِّدِ، يُلْزَمُ الْغَاصِبُ أَيْضًا، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوِ ارْتَدَّ أَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ قُتِلَ أَوْ قُطِعَ بَعْدَ الرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ. وَلَوْ غَصَبَ مُرْتَدًّا أَوْ سَارِقًا فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ؟ وَجْهَانِ، كَمَنِ اشْتَرَى مُرْتَدًّا أَوْ سَارِقًا فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ فِي يَدِهِ، فَمِنْ ضَمَانِ مَنْ يَكُونُ الْقَتْلُ أَوِ الْقَطْعُ؟ أَمَّا إِذَا جَنَى الْمَغْصُوبُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ جِنَايَةً تُوجِبُ الْمَالَ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ تَخْلِيصُهُ بِالْفِدَاءِ. وَبِمَاذَا يَفْدِيهِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: بِالْأَرْشِ وَإِنْ زَادَ كَالْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا أَرَادَ السَّيِّدُ فِدَاءَ الْجَانِي. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْجَانِيَ وَالْجِنَايَةَ مَضْمُونَانِ عَلَى الْغَاصِبِ، لَمْ يَخْلُ، إِمَّا أَنْ يَتْلَفَ الْجَانِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ. فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ أَقْصَى الْقِيَمِ. فَإِذَا أَخَذَهَا، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ إِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَّمَهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَالِكُ، لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ فَيَتَعَلَّقُ بِبَدَلِهَا كَمَا إِذَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ كَانَتْ قِيمَتُهُ رَهْنًا. وَفِي وَجْهٍ: لَا مُطَالَبَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. فَإِذَا أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي أَلْفًا، فَرَجَعَ بِانْخِفَاضِ السِّعْرِ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ جَنَى وَمَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَغَرَّمَهُ الْمَالِكُ الْأَلْفَ، لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَّا خَمْسُمِائَةٍ وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَلْفًا فَأَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا قَدْرُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ إِلَى الْمَالِكِ، نُظِرَ، إِنْ رَدَّهُ بَعْدَمَا غَرِمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَذَاكَ، وَإِنْ رَدَّ قَبْلَهُ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ حِينَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا جَنَى فِي يَدِ الْمَالِكِ ثُمَّ غَصَبَهُ رَجُلٌ وَرَدَّهُ ثُمَّ بِيعَ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمَالِكُ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>