فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ، لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ رَدُّهُ إِلَى مَا كَانَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْصِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ أَلْزَمَهُ الْمَالِكُ الرَّدَّ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى لَزِمَهُ ذَلِكَ وَأَرْشُ النَّقْصِ إِنْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ قَبْلَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ. فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَمِنْ صُوَرِهِ طَحْنُ الْحِنْطَةِ، وَقِصَارَةُ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتُهُ، وَضَرْبُ الطِّينِ لَبِنًا، وَذَبْحُ الشَّاةِ وَشَيُّهَا. وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، بَلْ يَرُدُّهَا مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ إِنْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ. وَإِنَّمَا تَكُونُ الْخِيَاطَةُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ إِذَا خَاطَ بِخَيْطِ الْمَالِكِ. فَإِنْ خَاطَ بِخَيْطِ الْغَاصِبِ فَسَتَأْتِي نَظَائِرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ فِي الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، وَالذَّبْحِ، وَالشَّيِّ، لَا يُمْكِنُ الرَّدُّ إِلَى مَا كَانَ. وَكَذَا فِي شَقِّ الثَّوْبِ وَكَسْرِ الْإِنَاءِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْءِ الثَّوْبِ وَإِصْلَاحِ الْإِنَاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَى مَا كَانَ، وَلَوْ غَزَلَ الْقُطْنَ، رَدَّ الْغَزْلَ وَأَرْشَ النَّقْصِ إِنْ نَقَصَ. وَلَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ، فَالْكِرْبَاسُ لِلْمَالِكِ مَعَ الْأَرْشِ إِنْ نَقَصَ، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إِجْبَارُهُ عَلَى نَقْضِهِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى وَنَسْجُهُ ثَانِيًا، فَإِنْ أَمْكَنَ كَالْخَزِّ، فَلَهُ إِجْبَارُهُ. فَإِنْ نَقَضَهُ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الْغَزْلِ فِي الْأَصْلِ غَرِمَهُ، وَلَا يَغْرَمُ مَا زَادَ بِالنَّسْجِ، لِأَنَّ الْمَالِكَ أَمَرَهُ بِنَقْضِهِ. فَإِذَا نَقَضَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ ضِمِنَهُ أَيْضًا. وَلَوْ غَصَبَ نُقْرَةً وَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ، أَوْ صَاغَهَا حُلِيًّا، أَوْ غَصَبَ نُحَاسًا أَوْ زُجَاجًا فَجَعَلَهُ إِنَاءً، فَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِهِ رَدَّهُ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، إِلَّا أَنْ يَضْرِبَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ عِيَارِهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَخَافُ التَّغْيِيرَ، وَحَيْثُ مُنِعَ مِنَ الرَّدِّ إِلَى مَا كَانَ فَخَالَفَ، فَهُوَ كَإِتْلَافِ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْغَصْبِ. وَلَوْ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ إِلَى مَا كَانَ لَزِمَهُ. فَإِذَا امْتَثَلَ لَمْ يَغْرَمِ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ بِزَوَالِ الصَّنْعَةِ، لَكِنْ لَوْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ بِمَا طَرَأَ وَزَالَ ضَمِنَهُ.
وَأَمَّا الْأَعْيَانُ، فَمِنْ صُوَرِهَا صَبْغُ الثَّوْبِ. وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ صُورَتَيْنِ.
إِحْدَاهُمَا: إِذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ، أَوْ زَرَعَ، كَانَ لِصَاحِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute