الثَّانِيَةُ: قَالَ: اشْتَرَيْتُ بِأَلْفٍ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ. صُدِّقَ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِعَقْدِهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا، وَتَلِفَ، وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي، حَلَفَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ، قُضِيَ بِهَا. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِحَقِّ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: تُقْبَلُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا، وَالثَّمَنُ ثَابِتٌ لَهُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي. وَلَوْ شَهِدَ لِلشَّفِيعِ، فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِهِ. وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيُّ، لِأَنَّهُ يَنْقُضُ حَقَّهُ. وَالثَّالِثُ: إِنْ شَهِدَ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ، قُبِلَتْ، لِأَنَّهُ يَنْقُضُ حَقَّهُ، إِذْ لَا يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِمَّا شَهِدَ بِهِ، وَإِنْ شَهِدَ بَعْدَهُ، فَلَا، لِأَنَّهُ يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، فَإِنَّهُ إِذَا قَلَّ الثَّمَنُ، قَلَّ مَا يَغْرَمُهُ عِنْدَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُمَا تَتَعَارَضَانِ، لِأَنَّ النِّزَاعَ هُنَا فِيمَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَا دَلَالَةَ لِلْيَدِ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا إِنْ قُلْنَا: تَسْقُطَانِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ. وَإِنْ قُلْنَا تُسْتَعْمَلَانِ، فَالِاسْتِعْمَالُ هُنَا بِالْقُرْعَةِ أَوِ الْوَقْفِ.
الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، فَإِنْ ثَبَتَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، فَذَاكَ، وَإِنْ ثَبَتَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِالْبَيِّنَةِ أَوِ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ [مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي] . وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّفِيعِ لِلْبَائِعِ، وَلَا تُقْبَلُ لِلْمُشْتَرِي، لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَقْلِيلِ الثَّمَنِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَتَحَالَفَا، وَفُسِخَ عَقْدُهُمَا أَوِ انْفَسَخَ، فَإِنْ جَرَى ذَلِكَ بَعْدَمَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، أُقِرَّ فِي يَدِهِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الشِّقْصِ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ جَرَى قَبْلَ الْأَخْذِ، فَفِي سُقُوطِ حَقِّهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute