لِلثَّانِي، فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الثَّانِي ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْأَوَّلِ: ضُمَّ مَا مَعَكَ إِلَى [مَا] أَخَذْتُهُ لِنُقَسِّمَهُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّا مُتَسَاوِيَانِ. وَإِنَّمَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِأَنَّا نَحْتَاجُ إِلَى عَدَدٍ لِثُلُثِهِ ثُلُثٌ وَهُوَ تِسْعَةٌ، مَعَ الثَّانِي مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، وَمَعَ الْأَوَّلِ سِتَّةٌ، فَيَنْتَزِعُ الثَّالِثُ مِنَ الثَّانِي وَاحِدًا يَضُمُّهُ إِلَى السِّتَّةِ [الَّتِي] مَعَ الْأَوَّلِ، فَلَا يَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا، فَتُضْرَبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ، تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ نِصْفَيْنِ، وَهَذَا الْمُنْقَسِمُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، رُبُعُ الدَّارِ، فَتُقَسَّمُ جُمْلَتُهَا مِنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ. هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ وَنَقَلُوهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَمَّا تَرَكَ الثَّانِي سُدُسًا لِلْأَوَّلِ، صَارَ عَافِيًا عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ، فَيَبْطُلُ جَمِيعُ حَقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْقَطَ حَقُّ الثَّانِي كُلُّهُ، وَيَكُونُ الشِّقْصُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَلَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّامِنُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَوْ حَضَرَ اثْنَانِ وَأَخَذَا الشِّقْصَ، ثُمَّ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ، فَإِنْ قَضَى لَهُ الْقَاضِي عَلَى الْغَائِبِ، أَخَذَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ، أَمْ نِصْفَهُ؟ وَجْهَانِ. ثُمَّ إِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَغَابَ الْحَاضِرُ، فَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ أَخَذَ مِنَ الْحَاضِرِ ثُلُثَ مَا مَعَهُ، أَخَذَ مِنَ الْقَادِمِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ أَخَذَ نِصْفَهُ، أَخَذَ مِنَ الْقَادِمِ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ وَيَتِمُّ بِذَلِكَ نَصِيبُهُ، وَيَنْقَسِمُ هَذَا الشِّقْصُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَجُمْلَةُ الدَّارِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ.
التَّاسِعُ: ثَبَتَتِ الشُّفْعَةُ لِحَاضِرٍ وَغَائِبٍ، فَعَفَا الْحَاضِرُ، ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ، فَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ، فَلَهُ أَخْذُ الشِّقْصِ كُلِّهِ بِالشُّفْعَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ: أَنَّهُ إِذَا عَفَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ. وَإِنْ قُلْنَا: عَفْوُ أَحَدِهِمَا يُسْقِطُ حَقَّ الْآخَرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute