الرُّكْنُ الثَّانِي: الْعَمَلُ، وَلَهُ شُرُوطٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ تِجَارَةً، وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الشَّرْطِ مَسَائِلُ.
الْأُولَى: لَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ فَيَطْحَنَهَا وَيَخْبِزَهَا، وَالطَّعَامَ لِيَطْبُخَهُ وَيَبِيعَهُ، وَالْغَزْلَ لِيَنْسِجَهُ، وَالثَّوْبَ لِيُقَصِّرَهُ، أَوْ يَصْبِغَهُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ. وَلَوِ اشْتَرَى الْعَامِلُ الْحِنْطَةَ، وَطَحَنَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَآخَرِينَ: يَخْرُجُ الدَّقِيقُ عَنْ كَوْنِهِ رَأْسَ مَالِ قِرَاضٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ غَيْرُهُ، انْفَسَخَ الْقِرَاضُ، لِأَنَّ الرِّبْحَ حِينَئِذٍ لَا يُحَالُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَطْ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْعَامِلَ بِطَحْنِ حِنْطَةِ الْقِرَاضِ، كَانَ فَسْخًا لِلْقِرَاضِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْقِرَاضَ بِحَالِهِ، كَمَا لَوْ زَادَ عَبْدُ الْقِرَاضِ بِكِبَرٍ، أَوْ سِمَنٍ، أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَالَ قِرَاضٍ، لَكِنْ إِنِ اسْتَقَلَّ الْعَامِلُ بِالطَّحْنِ، صَارَ ضَامِنًا، وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ إِنْ نَقَصَ الدَّقِيقُ. فَإِنْ بَاعَهُ، لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بِهَذِهِ الصِّنَاعَاتِ أُجْرَةً وَلَوِ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ كَمَا شَرَطَا.
الثَّانِيَةُ: قَارَضَهُ عَلَى دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ نَخِيلًا، أَوْ دَوَابَّ، أَوْ مُسْتَغَلَّاتٍ وَيُمْسِكَ رِقَابَهَا لِثِمَارِهَا وَنِتَاجِهَا وَغَلَّاتِهَا، وَتَكُونُ الْفَوَائِدُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ رِبْحًا بِالتِّجَارَةِ، بَلْ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ.
الثَّالِثَةُ: شَرَطَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَبَكَةً وَيَصْطَادَ بِهَا وَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَيَكُونُ الصَّيْدُ لِلصَّائِدِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُضَيِّقًا عَلَيْهِ بِالتَّعْيِينِ. فَلَوْ عَيَّنَ نَوْعًا يَنْدُرُ كَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَالْخَزِّ الْأَدْكَنِ وَالْخَيْلِ الْعُتْقِ، وَالصَّيْدُ حَيْثُ يَنْدُرُ، فَسَدَ الْقِرَاضُ، لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ. وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ، وَدَامَ شِتَاءً وَصَيْفًا كَالْحُبُوبِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْخَزِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute