كَالْوَكِيلِ يَشْتَرِي أَبَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، ثُمَّ إِنِ ارْتَفَعَتِ الْأَسْعَارُ وَظَهَرَ رِبْحٌ، بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الْعَامِلَ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ؟ إِنْ قُلْنَا: بِالْقِسْمَةِ، لَمْ يَعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالظُّهُورِ، عَتَقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَصَحِّ، فَفِي السِّرَايَةِ وَتَقْوِيمِ الْبَاقِي عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: تَثْبُتُ كَمَا لَوِ اشْتَرَاهُ وَفِيهِ رِبْحٌ وَقُلْنَا: يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الشِّرَاءِ، أَوْ حَصَلَ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً، فَاشْتَرَى بِهَا أَبَاهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالْقِسْمَةِ صَحَّ الشِّرَاءُ وَلَمْ يُعْتِقْ، وَإِلَّا فَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ يُخَالِفُ غَرَضَ الِاسْتِرْبَاحِ. فَإِنْ مَنَعْنَا فَفِي الصِّحَّةِ فِي نَصِيبِ الْمَالِكِ قَوْلَا الصَّفْقَةِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا فَفِي عِتْقِهِ عَنْهُ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: يُعْتِقُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، سَرَى الْعِتْقُ إِلَى الْبَاقِي وَلَزِمَهُ الْغُرْمُ، لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الشِّرَاءِ، وَإِلَّا فَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ، فَأَمَّا إِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِلْقِرَاضِ، فَحَيْثُ صَحَّحْنَا الشِّرَاءَ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ، أَوْقَعْنَاهُ هُنَا عَنِ الْقِرَاضِ، وَحَيْثُ لَمْ نُصَحِّحْ هُنَاكَ، أَوْقَفْنَاهُ هُنَا عَنِ الْعَامِلِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَ الشِّرَاءَ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إِلَى الْقِرَاضِ لَفْظًا، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ نَوَيْتُهُ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ إِذَا وَقَعَ عَنِ الْقِرَاضِ لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، لِأَنَّ الَّذِي جَرَى عَقْدُ عِتَاقِهِ، فَلَا يُقْبَلُ رَفْعُهُ.
فَرْعٌ
لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ. فَإِنْ كَاتَبَاهُ مَعًا، جَازَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute