وَعَسُرَ تَتَبُّعُهَا، فَإِنْ سَهُلَ وَقَلَّتْ وَلَا رِبْحَ، فَلَا مَجَالَ لَهُ. فَإِنْ سَهُلَ وَهُنَاكَ رِبْحٌ، أَوْ عُسْرٌ وَلَا رِبْحَ، فَوَجْهَانِ، وَسَوَاءٌ فِي الرِّبْحِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ.
الثَّالِثُ: لَوِ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَخْطُرْ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ، ثُمَّ خَطَرَ لَهُ، قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْرِيَ الْقَدِيمُ إِنْ صَدَّقَهُ الْمَالِكُ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُلَقَّبُ بِمَسْأَلَةِ الْبِضَاعَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مُخْتَصَرَةً فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ وَفِي الْغَصْبِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَاشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَبَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَهَلْ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ كَالْغَاصِبِ؟ أَمْ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ كَالْوَكِيلِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: بِالْقَدِيمِ، فَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَالِكُ مِنَ الرِّبْحِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: جَمِيعُهُ كَالْغَصْبِ. فَعَلَى هَذَا لِلْعَامِلِ الثَّانِي أُجْرَةُ عَمَلِهِ قِيلَ: يَأْخُذُهَا مِنَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَالِكِ، لِأَنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ عَادَ إِلَيْهِ.
وَ [الْوَجْهُ] الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ، لِأَنَّهُ رَضِيَ بِخِلَافٍ بِهِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْغَصْبِ. فَعَلَى هَذَا، فِي النِّصْفِ الثَّانِي أَوْجُهٌ. قِيلَ: كُلُّهُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَقِيلَ: لِلثَّانِي. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَعَلَى هَذَا، فِي رُجُوعِ الثَّانِي بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفَ مَا حَصَلَ لَهُمَا، وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْأَوَّلُ قَالَ: عَلَى أَنَّ رِبْحَ هَذَا الْمَالِ بَيْنَنَا، أَوْ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ نِصْفَهُ. فَإِنْ كَانَ قَالَ: مَا رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى [مِنَ الرِّبْحِ] فَهُوَ بَيْنَنَا، فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، لِأَنَّ النِّصْفَ، هُوَ الَّذِي رُزِقَاهُ.
وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، طَرَدَ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ، بِشَطْرِ جَمِيعِ الرِّبْحِ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا كَانَ الْقِرَاضَانِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ، فَإِنْ كَانَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى نِسْبَةٍ أُخْرَى، فَعَلَى مَا تَشَارَطَا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا تَصَرَّفَ الثَّانِي وَرَبِحَ. أَمَّا لَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ فَغَاصِبٌ. وَإِنْ ظَنَّ الْعَامِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute