للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالرِّبْحِ. وَكَذَا النَّقْصُ بِالتَّعَيُّبِ وَالْمَرَضِ الْحَادِثَيْنِ.

وَأَمَّا النَّقْصُ الْعَيْنِيُّ، وَهُوَ تَلَفُ الْبَعْضِ، فَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ بَيْعًا وَشِرَاءً، فَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الِاحْتِرَاقَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ خُسْرَانٌ يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ. وَفِي التَّلَفِ بِالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَجْهَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ مَا يَجْبُرُهُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْجَبْرِ بِمَالِ الْقِرَاضِ، وَطَرَدَ جَمَاعَةٌ الْوَجْهَيْنِ فِي الْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ الْجَبْرُ. أَمَّا إِذَا نَقَصَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بَيْعًا وَشِرَاءً، بِأَنْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفَيْنِ قِرَاضًا، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ، فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ خُسْرَانٌ، فَيُجْبَرُ بِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدُ، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَتْلَفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا. وَلَوِ اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا، تَلِفَ مِنَ الرِّبْحِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ بَعْدُ بِالْبَيْعِ. هَذَا إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ. أَمَّا إِذَا تَلِفَ كُلُّهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَوْ بَعْدَهُ، فَيَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ كَمَا سَبَقَ. فَلَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ، أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهُ وَاسْتَمَرَّ فِيهِ الْقِرَاضُ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْخِلَافِ فِي الْجَبْرِ مِنَ الرِّبْحِ فِي صُورَةِ السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ، هُوَ فِيمَا إِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْبَدَلِ مِنَ الْمُتْلِفِ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَامِلُ الْمَالَ، قَالَ الْإِمَامُ: يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، فَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ إِلَّا بِقَبْضِهِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْقِرَاضِ.

وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ إِذَا غُصِبَ أَوْ أُتْلِفَ، فَمَنِ الْخَصْمُ فِيهِ؟ أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ الْمَالِكُ فَقَطْ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَهُمَا جَمِيعًا إِنْ كَانَ رِبْحٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ لِلْعَامِلِ الْمُخَاصَمَةَ مُطْلَقًا حِفْظًا لِلْمَالِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ فِي إِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ خَصْمٌ، وَيَتَقَدَّرُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ بِخَصْمٍ، بَلْ إِذَا خَاصَمَ الْمَالِكُ وَأَخَذَهُ، عَادَ الْعَامِلُ إِلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ بِحُكْمِ الْقِرَاضِ، [وَ] لَزِمَ مِثْلُهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمُتْلِفَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>