الرَّابِعَةُ: قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذَا لِلْقِرَاضِ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ لِنَفْسِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: قَوْلُ الْمَالِكِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ عَنِ الْقِرَاضِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِنَفْسِي، فَقَالَ: بَلْ لِلْقِرَاضِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ قَطْعًا. فَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ، فَفِي الْحُكْمِ بِهَا وَجْهَانِ. وَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْقِرَاضِ عُدْوَانًا، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ الْمَالِكُ: كُنْتُ نَهَيْتُكَ عَنْ شِرَاءِ هَذَا، فَقَالَ: لَمْ تَنْهَنِي، صُدِّقَ الْعَامِلُ.
السَّادِسَةُ: قَالَ: شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ، فَقَالَ: بَلْ ثُلُثَهُ، تَحَالَفَا كَالْمُتَبَايِعَيْنِ، فَإِذَا حَلَفَا، فُسِخَ الْعَقْدُ، وَاخْتَصَّ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ بِالْمَالِكِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ. وَفِي وَجْهٍ: أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا قَدْرُ النِّصْفِ، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَكْثَرَ.
قُلْتُ: وَإِذَا تَحَالَفَا، فَهَلْ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ، أَمْ بِالْفَسْخِ؟ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ كَمَا مَضَى، قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّابِعَةُ: اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، [وَكَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ. وَلَوْ قَارَضَ رَجُلَيْنِ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ، وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، فَرَبِحَا، ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ: دَفَعْتُ إِلَيْكُمَا أَلْفَيْنِ، وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ أَلْفًا، لَزِمَ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَحَلَفَ الْآخَرُ وَقُضِيَ لَهُ بِمُوجَبِ قَوْلِهِ. وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ أَلْفَيْنِ، أَخَذَ الْمُنْكِرُ رُبُعَ الْأَلْفِ الزَّائِدِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَالْبَاقِي يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ. وَلَوْ كَانَ الْحَاصِلُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَالْمُنْكِرُ يَزْعُمُ أَنَّ الرِّبْحَ أَلْفَانِ لَهُ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ، فَتُسَلَّمُ لَهُ، وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ مِنَ الْبَاقِي أَلْفَيْنِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ يَتَقَاسَمَاهَا - الْمَالِكُ وَالْمُقِرُّ - أَثْلَاثًا، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute