للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

إِيجَارُ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ شَهْرًا عَلَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِمَا الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي، بَاطِلٌ، لِأَنَّ زَمَانَ الِانْتِفَاعِ لَا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَيَكُونُ إِجَارَةُ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ، لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا، وَيُرَفَّهَانِ فِي اللَّيْلِ عَلَى الْعَادَةِ عِنْدَ إِطْلَاقِ الْإِجَارَةِ. وَلَوْ أَجَّرَ دَابَّةً إِلَى مَوْضِعٍ لِيَرْكَبَهَا الْمُكْرِي زَمَانًا، ثُمَّ الْمُكْتَرِي زَمَانًا، لَمْ يَصِحَّ، لِتَأَخُّرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِمُسْتَقْبَلٍ. وَإِنْ أَجَّرَهُ لِيَرْكَبَ الْمُكْتَرِي بَعْضَ الطَّرِيقِ وَيَنْزِلَ فَيَمْشِيَ بَعْضَهَا، أَوْ أَجَّرَ اثْنَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا زَمَانًا، وَهَذَا مِثْلَهُ، فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» : صَحَّتِ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، سَوَاءٌ وَرَدَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، أَوِ الْعَيْنِ، وَيَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي [أَوِ الْمُكْتَرِيَانِ] ، وَيَكُونُ التَّأَخُّرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ وَالتَّسْلِيمِ، فَلَا يَضُرُّ.

وَالثَّانِي: تَصِحُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، لِاتِّصَالِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. وَالثَّالِثُ: تَبْطُلُ فِيهِمَا، لِأَنَّهَا إِجَارَةُ أَزْمَانٍ مُتَقَطِّعَةٍ. وَالرَّابِعُ: تَصِحُّ فِي الصُّورَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ، وَلَا تَصِحُّ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِـ «كِرَاءِ الْعُقَبِ» وَهُوَ جَمْعُ عُقْبَةٍ وَهِيَ النَّوْبَةُ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ عَادَةٌ مَضْبُوطَةٌ، إِمَّا بِالزَّمَانِ، بِأَنْ يَرْكَبَ يَوْمًا وَيَنْزِلَ يَوْمًا، وَإِمَّا بِالْمَسَافَةِ، بِأَنْ يَرْكَبَ فَرْسَخًا وَيَمْشِيَ فَرْسَخًا، حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَطْلُبَ الرُّكُوبَ [ثَلَاثًا] وَالنُّزُولَ ثَلَاثًا، [لِمَا] فِي دَوَامِ الْمَشْيِ مِنَ التَّعَبِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً مَضْبُوطَةً، فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَيَانِ فِي الِابْتِدَاءِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالرُّكُوبِ، أُقْرِعَ. وَلَوْ أَكْرَى دَابَّةً لِاثْنَيْنِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّعَاقُبِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنِ احْتَمَلَتِ الدَّابَّةُ رُكُوبَ شَخْصَيْنِ، اجْتَمَعَا عَلَى الرُّكُوبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>