للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَصْنَعَ مَا شَاءَ، لِرِضَاهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ. وَحَكَى الْبَغَوِيُّ وَجْهًا بِالْمَنْعِ، كَبَيْعِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِلزِّرَاعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَزْرَعُ، أَوْ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ وَأَطْلَقَ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَبِالْمَنْعِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنِ النَّصِّ فِي «الْجَامِعِ الْكَبِيرِ» . وَمَنْ جَوَّزَ قَالَ: يَزْرَعُ مَا شَاءَ، لِلْإِطْلَاقِ. وَكَانَ يَحْتَمِلُ التَّنْزِيلَ عَلَى الْأَقَلِّ. وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِتَزْرَعَ مَا شِئْتَ، صَحَّتِ الْإِجَارَةُ، وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَجْهٌ: أَنَّهَا فَاسِدَةٌ كَبَيْعِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا لِتَزْرَعَ أَوْ تَغْرِسَ، لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَازْرَعْهَا، وَإِنْ شِئْتَ فَاغْرِسْهَا، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ. وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَهَا فَازْرَعْهَا وَاغْرِسْهَا، أَوْ لِتَزْرَعَهَا وَتَغْرِسَهَا، وَلَمْ يُبَيِّنِ الْقَدْرَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى النِّصْفِ. وَعَلَى هَذَا، فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْجَمِيعَ، لِجَوَازِ الْعُدُولِ مِنَ الْغِرَاسِ إِلَى الزَّرْعِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْرِسَ الْجَمِيعَ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ، وَابْنُ سُرَيْجٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، لِعَدَمِ الْبَيَانِ، بَلْ قَالَ الْقَفَّالُ: لَوْ قَالَ: ازْرَعِ النِّصْفَ وَاغْرِسِ النِّصْفَ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنَ الْمَغْرُوسَ وَالْمَزْرُوعَ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ.

فَرْعٌ

يُشْتَرَطُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ، بَيَانُ مَوْضِعِهِ وَطُولِهِ وَعَرْضِهِ، وَفِي بَيَانِ قَدْرِ ارْتِفَاعِهِ، وَجْهَانِ سَبَقَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَأْجَرَ سَقْفًا لِلْبِنَاءِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: الدَّوَابُّ، وَتُسْتَأْجَرُ لِأَغْرَاضٍ. مِنْهَا: الرُّكُوبُ، وَفِيهِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَرِّفَ الْمُؤَجِّرُ الرَّاكِبَ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الْمُشَاهَدَةُ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>