الْبَالُوعَةُ وَالْحَشُّ وَالْمُسْتَنْقَعُ فِي دَوَامِ الْإِجَارَةِ، فَهَلْ تَفْرِيغُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ تَمْكِينًا مِنَ الِانْتِفَاعِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ؟ أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي، كَنَقْلِ الْكُنَاسَاتِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ، فَلْيُنَقِّ، وَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ التَّنْقِيَةُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَا تَفْرِيغُ مُسْتَنْقَعِ الْحَمَّامِ، وَيَلْزَمُهُ التَّطْهِيرُ مِنَ الْكُنَاسَةِ، وَفَسَّرُوهَا بِالْقُشُورِ وَمَا سَقَطَ مِنَ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ، دُونَ التُّرَابِ الَّذِي يَجْتَمِعُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ، لِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَكِنْ قَدْ سَبَقَ مِنْ أَنَّ ثَلْجَ الْعَرْصَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ نَقْلُهُ، بَلْ هُمْ كَالْكُنَاسَةِ، مَعَ أَنَّهُ حَصَلَ لَا بِفِعْلِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ أَيْضًا كَالْكُنَاسَةِ، مَعَ أَنَّهُ حَصَلَ لَا بِفِعْلِهِ.
قُلْتُ: هَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ. وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ نَقْلُ التُّرَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا سَبَقَ فِي ثَلْجِ الْعَرْصَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ نَقْلُهُ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ، فَكَذَا هُنَا لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: رَمَادُ الْأَتُّونِ كَالْكُنَاسَةِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَقْلُهُ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَا يَجِبُ، لِأَنَّهُ مِنْ صُورَةِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ الْكُنَاسَةِ.
فَرْعٌ
الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِلسُّكْنَى، لَا يَجُوزُ طَرْحُ الرَّمَادِ وَالتُّرَابِ فِي أَصْلِ حَائِطِهَا، وَلَا رَبْطُ دَابَّةٍ فِيهَا، بِخِلَافِ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ. وَفِي جَوَازِ طَرْحِ مَا يُسْرِعُ [إِلَيْهِ] الْفَسَادُ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ.
الصِّنْفُ الثَّانِي: الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ، فَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ خُرُوجَهُ، اتَّبَعَ الشَّرْطَ، وَإِلَّا، فَإِنِ اطَّرَدَتِ الْعَادَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute