النَّوْعُ الثَّالِثُ: اسْتِئْجَارُ الدَّوَابِّ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
[الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى: إِذَا اكْتَرَى لِلرُّكُوبِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِكَافُ وَالْبَرْذَعَةُ، وَالْحِزَامُ، وَالثَّفَرُ، وَالْخِطَامُ، وَالْبُرَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّكُوبِ دُونَهَا. وَالْعُرْفُ مُطَّرِدٌ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ. وَفِي السَّرْجِ إِذَا اكْتَرَى الْفَرَسَ أَوْجُهٌ. ثَالِثُهَا: اتِّبَاعُ الْعَادَةِ.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ اتِّبَاعَ الْعَادَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعُبَّادِيُّ فِي (الرَّقْمِ) : لَا يَلْزَمُ مُكْرِي الدَّابَّةِ إِلَّا تَسْلِيمُهَا عَارِيَةً، وَالْآلَاتُ كُلُّهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: مَا عَدَا السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَالْبَرْذَعَةَ، فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ. وَأَمَّا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَ عَيْنَ الدَّابَّةِ، فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَضْمَنُ لَوْ رَكِبَ بِغَيْرِ إِكَافٍ وَسَرْجٍ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ، فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ، لِأَنَّهَا لِلتَّمْكِينِ مِنَ الِانْتِفَاعِ. أَمَّا مَا هُوَ لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الرَّاكِبِ، كَالْمَحْمَلِ، وَالْمِظَلَّةِ، وَالْوِطَاءِ، وَالْغِطَاءِ، وَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَالَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، [فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْعُرْفُ مُضْطَرِدٌ بِهِ، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» وَجْهٌ فِي الْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ، مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْمَحْمَلَ وَسَائِرَ تَوَابِعِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَأَمَّا شَدُّ أَحَدِ الْمَحْمَلَيْنِ إِلَى الْآخَرِ] ، فَهَلْ هُوَ عَلَى الْمُكْرِي كَالشَّدِّ عَلَى الْحَمْلِ؟ أَمْ عَلَى الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ إِصْلَاحُ مِلْكِهِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا إِذَا أَطْلَقَا الْعَقْدَ، أَمَّا إِذَا قَالَ: أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ الْعَارِيَةَ بِلَا حِزَامٍ وَلَا إِكَافٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنَ الْآلَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute