للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ، وَهُوَ ثُلْثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُهُ.

وَالثَّالِثُ: وَقْتُهُ النِّصْفُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ.

وَالرَّابِعُ: جَمِيعُ اللَّيْلِ وَقْتٌ لَهُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَاعْتَبَرَ السَّبْعَ مُطْلَقًا تَقْرِيبًا.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَاعْتَمَدَ مَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ حَدِيثًا بَاطِلًا مُحَرَّفًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أَمَّا الْإِقَامَةُ لِلصُّبْحِ، فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِلَا خِلَافٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ، فَيُؤَذِّنَ أَحَدُ الْمُؤَذِّنِينَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَرَّةٍ قَبْلَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَبَعْضِهَا بَعْدَهُ، وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

قُلْتُ: بَقِيَتْ فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْأَذَانِ. يُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ. قَالَ فِي (التَّهْذِيبِ) : لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ ذِكْرًا، أَوْ زَادَ فِي عَدَدِهِ، لَمْ يَفْسُدْ أَذَانُهُ. قَالَ غَيْرُهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ الْمُؤَذِّنُ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِنَفَسِ وَاحِدٍ، وَأَمَّا بَاقِي الْأَلْفَاظِ، فَيُفْرِدُ كُلَّ كَلِمَةٍ بِصَوْتٍ لِطُولِ لَفْظِهَا بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ.

قَالَ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) : وَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ، أَوْ ذَاتُ رِيحٍ وَظُلْمَةٍ، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: إِذَا فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. فَإِنْ قَالَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ بَعْدَ الْحَيْعَلَةِ فَلَا بَأْسَ.

وَكَذَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَاسْتَبْعَدَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَوْلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ، وَلَيْسَ هُوَ بِبَعِيدٍ، بَلْ هُوَ الْحَقُّ وَالسُّنَّةُ.

فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْأَذَانِ، فِي (الْأُمِّ) : وَقَدْ ثَبَتَ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ. إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَقُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، وَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ. فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا؟ ! فَقَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>