«الْعُدَّةِ» وَ «الْبَيَانِ» . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ يَوْمًا كَامِلًا، فَوَقْتُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَإِنْ قَالَ: يَوْمًا، وَأَطْلَقَ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: كَانَ مِنْ وَقْتِهِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْغَدِ. وَإِنِ اسْتَأْجَرَ نَهَارَ يَوْمٍ، قَالَ فِي الْبَيَانِ: فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الصَّيْمَرِيُّ. أَحَدُهُمَا: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَالثَّانِي: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْإِجَارَةِ فِي الْأَمَانَةِ وَالضَّمَانِ. مَالُ الْإِجَارَةِ، تَارَةً يَكُونُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَتَارَةً فِي يَدِ الْأَجِيرِ عَلَى الْعَمَلِ. وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ، فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: يَدُهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَدُ أَمَانَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ وَهَلْ يَضْمَنُ مَا يُتْلَفُ فِي يَدِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّدُّ وَمُؤْنَتُهُ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: لَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهَا إِذَا طَلَبَ، لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فَأَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ. وَأَقْرَبُهُمَا إِلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَمُؤْنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالِكُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الرَّدَّ، لَزِمَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ: مَنْ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ شَرْطُهُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ قُلْنَا: يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمْسَاكُ بِعُذْرٍ.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، ضَمَانُهُ أُجْرَةَ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَتْلَفُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ. فَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ الرَّدَّ، ضَمَّنَّاهُ، وَإِلَّا، فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute