قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا: التَّجْدِيدُ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. فَإِذَا حَلَفَ، فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ الْخَيَّاطُ أَرْشَ النَّقْصِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ تَفْرِيعًا عَلَى تَصْدِيقِ الْخَيَّاطِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْقَطْعَ يُوجِبُ الضَّمَانَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ إِلَّا بِإِذْنٍ. ثُمَّ فِي الْأَرْشِ الْوَاجِبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا. وَالثَّانِي: مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءً. وَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَنْقُصْ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعَلَى الثَّانِي: فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ لِلْقَدْرِ الَّذِي يَصْلُحُ لِلْقَمِيصِ مِنَ الْقَطْعِ، وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ لِلْقَمِيصِ.
قُلْتُ: الْمَنْعُ أَصَحُّ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا قُلْنَا: يَتَحَالَفَانِ، فَحَلَفَا، فَلَا أُجْرَةَ لِلْخَيَّاطِ قَطْعًا، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَإِذَا أَرَادَ الْخَيَّاطُ نَزْعَ الْخَيْطِ، لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ حَيْثُ حَكَمْنَا [لَهُ] بِالْأُجْرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْخَيْطُ لِلْمَالِكِ أَوْ مِنْ عِنْدِهِ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْخِيَاطَةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ، فَلَهُ نَزْعُ خَيْطِهِ كَالصَّبْغِ. وَحِينَئِذٍ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَشُدَّ بِخَيْطِهِ خَيْطًا لِيَدَّخِرَ فِي الدُّرُوزِ إِذَا خَرَجَ الْأَوَّلُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بِرِضَى الْخَيَّاطِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ، فَقَالَ فِي «الشَّامِلِ» : إِنْ صَدَّقْنَا الْخَيَّاطَ، حَلَفَ بِاللَّهِ: مَا أَذِنْتَ لِي فِي قَطْعِهِ قَمِيصًا، وَلَقَدْ أَذِنْتَ لِي فِي قَطْعِهِ قَبَاءً، قَالَ: وَإِنْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ، كَفَاهُ عِنْدِي أَنْ يَحْلِفَ: مَا أَذِنْتُ لَهُ فِي قَطْعِهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعَرُّضِ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُرْمِ وَسُقُوطَ الْأُجْرَةِ يَقْتَضِيهِمَا نَفْيُ الْإِذْنِ فِي الْقَبَاءِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ، جَمَعَ كَلُّ وَاحِدٍ فِي يَمِينِهِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute