الْحَاكِمِ هُنَاكَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، فَإِلَى أَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا، رَدَّهَا أَوِ اسْتَصْحَبَهَا إِلَى حَيْثُ يَذْهَبُ، كَالْمُودَعِ يُسَافِرُ بِالْوَدِيعَةِ لِلضَّرُورَةِ. وَإِذَا جَازَ لَهُ الرَّدُّ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّكُوبُ، بَلْ يَسُوقُهَا أَوْ يَقُودُهَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا جِمَاحٌ لَا تَنْقَادُ إِلَّا بِالرُّكُوبِ، وَبِمِثْلِهِ لَوِ اسْتَعَارَ لِلرُّكُوبِ إِلَيْهِ.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ: لَهُ الرُّكُوبُ فِي الرَّدِّ، لِأَنَّ الرَّدَّ لَازِمٌ لَهُ، فَالْإِذْنُ تَنَاوَلَهُ بِالْعُرْفِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا رَدَّ عَلَيْهِ. الثَّامِنَةُ: اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إِلَى مَكَانٍ، فَجَاوَزَهُ، لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لِلْمَكَانِ، وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ، وَيَصِيرُ ضَامِنًا مِنْ وَقْتِ الْمُجَاوَزَةِ. فَإِنْ مَاتَتْ، لَزِمَهُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ حِينَئِذٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا صَاحِبُهَا، وَلَا يَبْرَأُ عَنِ الضَّمَانِ بِرَدِّهَا إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. وَإِنْ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَمَا نَزَلَ وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَلِفَتْ وَهُوَ رَاكِبٌ، نُظِرَ، إِنْ تَلِفَتْ بِالْوُقُوعِ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهِ، ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ. وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ ظَاهِرٌ، فَقِيلَ: تَلْزَمُ كُلُّ الْقِيمَةِ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ: لَا يَلْزَمُهُ الْكُلُّ بَلِ النِّصْفُ فِي قَوْلٍ. وَمُقْتَضَى التَّوْزِيعِ عَلَى الْمَسَافَتَيْنِ فِي قَوْلٍ كَمَا سَبَقَ، فِيمَا إِذَا حَمَلَ أَكْثَرَ مِنَ الْمَشْرُوطِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُصُولُ التَّلَفِ بِكَثْرَةِ التَّعَبِ وَتَعَاقُبِ السَّيْرِ. حَتَّى لَوْ قَامَ فِي الْمَقْصِدِ قَدْرَ مَا يَزُولُ فِيهِ التَّعَبُ، ثُمَّ خَرَجَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، ضَمِنَ الْكُلَّ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ لِيَرْكَبَ وَيَعُودَ، فَلَا يَلْزَمُهُ لِمَا جَاوَزَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَطْعَ قَدْرِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ ذَهَابًا وَرُجُوعًا، بِنَاءً عَلَى أَنْ يَجُوزَ الْعُدُولُ إِلَى مِثْلِ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنِ.
قُلْتُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْكَبَهَا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ جَمِيعَ الطَّرِيقِ رَاجِعًا، بَلْ يَرْكَبَهَا بِقَدْرِ تَمَامِ مَسَافَةِ الرُّجُوعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنْ قَدَّرَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ مُدَّةَ مَقَامِهِ فِي الْمَقْصِدِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ، انْتَفَعَ بِهَا فِي الرُّجُوعِ. وَإِنْ زَادَ، حُسِبَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ. التَّاسِعَةُ: اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ إِلَى عَشَرَةِ فَرَاسِخَ، فَقَطَعَ نِصْفَ الْمَسَافَةِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute