ثَبَتَ الْخِيَارُ وَلَمْ يَنْفَسِخْ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَتَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ، فَنَقَصَ الْمَاءُ، وَبَقِيَ مَاءٌ تَدُورُ بِهِ إِحْدَاهُمَا وَلَمْ يَفْسَخْ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ: تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ أَكْثَرِهِمَا.
الرَّابِعَةُ: قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : لَوْ دَفَعَ غَزْلًا إِلَى نَسَّاجٍ وَاسْتَأْجَرَهُ لِنَسْجِ ثَوْبٍ طُولُهُ عَشَرَةٌ فِي عَرْضٍ مَعْلُومٍ، فَجَاءَ بِالثَّوْبِ وَطُولُهُ أَحَدَ عَشَرَ، لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ جَاءَ بِهِ وَطُولُهُ تِسْعَةٌ، فَإِنْ كَانَ طُولُ السَّدَى عَشَرَةً، اسْتَحَقَّ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْسِجَ عَشَرَةً لَتَمَكَّنَ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ طُولُهُ تِسْعَةً، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، لِمُخَالَفَتِهِ.
وَلَوْ كَانَ الْغَزْلُ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ مُسْدًى، اسْتَأْجَرَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَدَفَعَ إِلَيْهِ مِنَ اللُّحْمَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ [بِهِ] أَطْوَلَ فِي الْعَرْضِ الْمَشْرُوطِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ لِلزِّيَادَةِ شَيْئًا. وَإِنْ جَاءَ بِهِ أَقْصَرَ فِي الْعَرْضِ الْمَشْرُوطِ، اسْتَحَقَّ بِقَدْرِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ. وَإِنْ وَافَقَ فِي الطُّولِ، وَخَالَفَ فِي الْعَرْضِ، فَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِ الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ مِنَ الصَّفَاقَةِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنَ الْأُجْرَةِ، لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ لِمُخَالَفَتِهِ. وَإِنْ رَاعَى الْمَشْرُوطَ فِي صِفَةِ الثَّوْبِ رِقَّةً وَصَفَاقَةً، فَلَهُ الْأُجْرَةُ، لِأَنَّ الْخَلَلَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مِنَ السَّدَى. وَإِنْ كَانَ زَائِدًا، فَإِنْ أَخَذَ بِالصَّفَاقَةِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِلَّا، اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا، لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا.
الْخَامِسَةُ: مَهْمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِنَقْصٍ، فَأَجَازَ، ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ، فَإِنْ كَانَ [ذَلِكَ] السَّبَبُ بِحَيْثُ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، بِأَنِ انْقَطَعَ الْمَاءُ، وَلَمْ يَتَوَقَّعْ عَوْدَهُ، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَاحِدٌ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُرْجَى زَوَالُهُ، فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَزُلْ، لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ، كَمَا لَوْ تُرِكَتِ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، أَوِ الْفَسْخُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِعْسَارِ، فَلَهَا الْعَوْدُ إِلَيْهِ. وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَازَ، ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ، فَلَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعُدِ الْعَبْدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute