كَانَتِ الْعِمَارَةُ إِسْلَامِيَّةً وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهَا، وَقَالُوا: هِيَ كَلُقَطَةٍ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا. وَالْجُمْهُورُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ كَمَا سَبَقَ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَرْضُ بِلَادِ الْكُفَّارِ، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَعْمُورَةً، فَلَا مَدْخَلَ لِلْإِحْيَاءِ فِيهَا، بَلْ هِيَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ فَإِذَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا بِقِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا تَكُونَ مَعْمُورَةً فِي الْحَالِ وَلَا مِنْ قَبْلُ، فَيَتَمَلَّكُهَا الْكُفَّارُ بِالْإِحْيَاءِ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَ مَوَاتًا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ، فَلَهُمْ تَمَلُّكُهُ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَا يُمَلَّكُ بِالِاسْتِيلَاءِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُمْ حَتَّى يُمَلَّكَ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ ذَبُّوا عَنْهُ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يُمَلَّكْ بِالْإِحْيَاءِ كَالْمَعْمُورِ مِنْ بِلَادِهِمْ. فَإِنِ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ.
أَصَحُّهَا: أَنَّهُ يُفِيدُ اخْتِصَاصًا كَاخْتِصَاصِ الْمُتَحَجِّرِ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ أَبْلَغُ مِنْهُ. وَعَلَى هَذَا فَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافٌ فِي أَنَّ التَّحَجُّرَ [هَلْ] يُفِيدُ جَوَازَ الْبَيْعِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَهُوَ غَنِيمَةٌ كَالْمَعْمُورِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِإِحْيَاءِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ، وَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِإِحْيَاءِ خُمُسِهِ. فَإِنْ أَعْرَضَ الْغَانِمُونَ عَنْ إِحْيَائِهِ، فَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِهِ. وَلَوْ أَعْرَضَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، فَالْبَاقُونَ أَحَقُّ. وَإِنْ تَرَكَهُ الْغَانِمُونَ وَأَهْلُ الْخُمُسِ جَمِيعًا، مُلِّكَهُ مَنْ أَحْيَاهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: فِي تَصَوُّرِ إِعْرَاضِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ، إِشْكَالٌ، فَيُصَوَّرُ فِي الْيَتَامَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ لَمْ يَرَوْا لَهُمْ حَظًّا فِي الْإِحْيَاءِ، وَنَحْوَهُ فِي الْبَاقِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يُمَلَّكونَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمَعْمُورِ.
وَ [الْوَجْهُ] الثَّالِثُ: لَا يُفِيدُ مِلْكًا وَلَا اخْتِصَاصًا، بَلْ هُوَ كَمَوَاتِ دَارِ الْإِسْلَامِ، مَنْ أَحْيَاهُ مُلِّكَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute