وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، كَمَا يُمَلَّكُ عَرْصَةَ الدَّارِ بِبِنَاءِ الدَّارِ، وَلِأَنَّ الْإِحْيَاءَ تَارَةً يَكُونُ بِجَعْلِهِ مَعْمُورًا، وَتَارَةً بِجَعْلِهِ تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ. وَلَوْ بَاعَ حَرِيمَ مُلْكِهِ دُونَ الْمِلْكِ، لَمْ يَصِحَّ، قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ، كَمَا لَوْ بَاعَ شِرْبَ الْأَرْضِ وَحْدَهُ. قَالَ: وَلَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا عَلَى أَنْ يَكُونَ نَفْسُ الْبِئْرِ لِأَحَدِهِمَا وَحَرِيمُهَا لِلْآخَرِ، لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ الْحَرِيمُ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ، وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ.
فَرْعٌ
فِي بَيَانِ الْحَرِيمِ
وَهُوَ الْمَوَاضِعُ الْقَرِيبَةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ، كَالطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا، وَفِيهِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: ذَكَرْنَا فِي الْحَالِ الثَّالِثِ: إِذَا صَالَحْنَا الْكُفَّارَ عَلَى بَلْدَةٍ، لَمْ يَجُزْ إِحْيَاءُ مَوَاتِهَا الَّذِي يَذُبُّونَ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَهُوَ مِنْ حَرِيمِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَمَرَافِقِهَا. الثَّانِيَةُ: حَرِيمُ الْقُرَى الْمُحْيَاةِ: مَا حَوْلَهَا مِنْ مُجْتَمَعِ أَهْلِ النَّادِي، وَمُرْتَكِضِ الْخَيْلِ، وَمُنَاخِ الْإِبِلِ، وَمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَالسِّمَادِ، وَسَائِرِ مَا يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِهَا. وَأَمَّا مَرْعَى الْبَهَائِمِ، فَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ بَعُدَ عَنِ الْقَرْيَةِ، لَمْ يَكُنْ مِنْ حَرِيمِهَا. وَإِنْ قَرُبَ وَلَمْ يَسْتَقِلَّ مَرْعًى، وَلَكِنْ كَانَتِ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِيهِ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنَ الْإِبْعَادِ، فَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، خِلَافٌ فِيهِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرِيمٍ. وَأَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ مَرْعًى وَهُوَ قَرِيبٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ حَرِيمٌ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: مَرْعَى الْبَهَائِمِ حَرِيمٌ لِلْقَرْيَةِ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute