قُلْتُ: هَذَا الْمَنْقُولُ عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ، حَكَاهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ أَحَقُّ، فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ، مِنَ الْجُمْهُورِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَجْلِسَ لِلصَّلَاةِ، فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى. وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْحَاضِرَةُ، فَهُوَ أَحَقُّ. فَإِنْ فَارَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، بَطَلَ حَقُّهُ فِيهَا أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ، فَإِنْ فَارَقَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ، أَوْ رُعَافٍ، أَوْ إِجَابَةِ دَاعٍ وَنَحْوِهَا، لَمْ يَبْطُلِ اخْتِصَاصُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ - فِي الْمَسْجِدِ - فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إِذَا عَادَ إِلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ إِزَارَهُ، أَمْ لَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَطْرَأَ الْعُذْرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنِ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. وَمِنْهَا: الْجُلُوسُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرْفَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَمِنْهَا: الْجُلُوسُ لِلِاعْتِكَافِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَهُ الِاخْتِصَاصُ بِمَوْضِعِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ إِنْ كَانَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا. وَإِنْ نَوَى اعْتِكَافَ أَيَّامٍ، فَخَرَجَ لِحَاجَةٍ جَائِزَةٍ، فَفِي بَقَاءِ اخْتِصَاصِهِ إِذَا رَجَعَ احْتِمَالٌ، وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا خَرَجَ الْمُصَلِّي لِعُذْرٍ. وَمِنْهَا: الْجَالِسُ لِاسْتِمَاعِ الْحَدِيثِ وَالْوَعْظِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ فَلَا يَخْتَصُّ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَلَا فِيهِ إِنْ فَارَقَهُ بِلَا عُذْرٍ، وَيَخْتَصُّ إِنْ فَارَقَ بِعُذْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ لَهُ عَادَةٌ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ كَبِيرِ الْمَجْلِسِ، وَيَنْتَفِعُ الْحَاضِرُونَ بِقُرْبِهِ مِنْهُ لِعِلْمِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، دَامَ اخْتِصَاصُهُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ بِكُلِّ حَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute