للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ، أَوِ الْخَيْرِ، أَوِ الثَّوَابِ، يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، وَإِصْلَاحِ الْقَنَاطِرِ، وَسَدِّ الثُّغُورِ، وَدَفْنِ الْمَوْتَى، وَغَيْرِهَا، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ: إِنْ وُقِفَ عَلَى جِهَةِ الْخَيْرِ، صُرِفَ [فِي] مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، وَلَا يُبْنَى بِهِ مَسْجِدٌ وَلَا رِبَاطٌ. وَإِنْ وُقِفَ عَلَى جِهَةِ الثَّوَابِ، صُرِفَ إِلَى أَقَارِبِهِ. وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ مَا قَدَّمْنَاهُ. قَالُوا: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَبِيلِ الثَّوَابِ، وَسَبِيلِ الْخَيْرِ، صُرِفَ الثُّلُثُ إِلَى الْغُزَاةِ، وَالثُّلُثُ إِلَى أَقَارِبِهِ، وَالثُّلُثُ إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْغَارِمِينَ، وَابْنِ السَّبِيلِ وَفِي الرِّقَابِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ.

الثَّالِثَةُ: يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى أَكْفَانِ الْمَوْتَى، وَمُؤْنَةِ الْغَسَّالِينَ، وَالْحَفَّارِينَ، وَعَلَى شِرَاءِ الْأَوَانِي، وَالظُّرُوفِ لِمَنْ تَكَسَّرَتْ عَلَيْهِ.

الرَّابِعَةُ: يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْمُتَفَقِّيِّهَةِ - وَهُمُ الْمُشْتَغِلُونَ بِتَحْصِيلِ الْفِقْهِ - مُبْتَدِئِهِمْ وَمُنْتَهِيهِمْ، وَعَلَى الْفُقَهَاءِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ حَصَّلَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ قَلَّ.

الْخَامِسَةُ: الْوَقْفُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ، حُكِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ بَاطِلٌ، إِذْ لَيْسَ لِلتَّصَوُّفِ حَدٌّ يُعْرَفُ، وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ صِحَّتُهُ، وَهُمُ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَةِ فِي أَغْلَبِ الْأَوْقَاتِ، الْمُعْرِضُونَ عَنِ الدُّنْيَا. وَفَصَّلَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى فَقَالَ: لَا بُدَّ فِي الصُّوفِيِّ مِنَ الْعَدَالَةِ، وَتَرْكِ الْحِرْفَةِ، وَلَا بَأْسَ بِالْوِرَاقَةِ، وَالْخِيَاطَةِ، وَشِبْهِهِمَا إِذَا تَعَاطَاهَا أَحْيَانًا فِي الرِّبَاطِ لَا فِي الْحَانُوتِ، وَلَا تَقْدَحُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَا اشْتِغَالُهُ بِالْوَعْظِ، وَالتَّدْرِيسِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنَ الْمَالِ قَدْرٌ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ لَا يَفِي دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ، وَتَقْدَحُ الثَّرْوَةُ الظَّاهِرَةُ وَالْعُرُوضُ الْكَثِيرَةُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي زِيِّ الْقَوْمِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاكِنًا، فَتَقُومَ الْمُخَالَطَةُ، وَالْمُسَاكَنَةُ مَقَامَ الزِّيِّ، قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ لُبْسُ الْمُرَقَّعَةِ مِنْ شَيْخٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>