للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: يَعْنِي اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ لِاحْتِمَالِ انْقِرَاضِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ، وَالْأَصَحُّ، أَوِ الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ شَرَطَ فِي الْمَدْرَسَةِ، وَالرِّبَاطِ الِاخْتِصَاصَ، اخْتَصَّ قَطْعًا. وَلَوْ شَرَطَ فِي الْمَقْبَرَةِ الِاخْتِصَاصَ بِالْغُرَبَاءِ، أَوْ بِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى الْمَسْجِدِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَخْتَصُّ، فَالْمَقْبَرَةُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ، وَإِلْحَاقُهَا بِالْمَدْرَسَةِ أَصَحُّ، فَإِنَّ الْمَقَابِرَ لِلْأَمْوَاتِ كَالْمَسَاكِنِ لِلْأَحْيَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا شَرَطَ فِي حَالِ الْوَقْفِ. أَمَّا إِذَا وَقَفَ مُطْلَقًا، ثُمَّ خَصَّصَ الْمَدْرَسَةَ، أَوِ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُمَا، فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ قَطْعًا.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: بَيَانُ الْمَصْرِفِ، فَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَقَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: بُطْلَانُ الْوَقْفِ كَقَوْلِهِ: بِعْتُ دَارِي بِعَشَرَةٍ، أَوْ وَهَبْتُهَا، وَلَمْ يَقُلْ لِمَنْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى جَمَاعَةٍ، لَمْ يَصِحَّ، لِجَهَالَةِ الْمَصْرِفِ. فَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ الْمَصْرِفَ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَالرُّويَانِيُّ، كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا، أَوْ صَدَقَةً وَلَمْ يُبَيِّنِ الْمَصْرِفَ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِثُلُثَيَّ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إِلَى الْمَسَاكِينِ. وَهَذَا إِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ.

قُلْتُ: الْفَرْقُ أَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لِلْمَسَاكِينِ، فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، فَتَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ، وَالنَّجَسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَفِي مَصْرِفِهِ الْخِلَافُ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ إِذَا صَحَّحْنَاهُ. وَعَنِ ابْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>