الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الصَّحِيحِ
إِذَا صَحَّ الْوَقْفُ، تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ، مِنْهَا: مَا يَنْشَأُ مِنَ اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْوَقْفِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ.
وَمِنْهَا: مَا يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى، فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ، وَيَجْمَعُ الْبَابَ طَرَفَانِ.
[الطَّرَفُ] الْأَوَّلُ: فِي الْأَحْكَامِ اللَّفْظِيَّةِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ مَرْعِيَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يُنَافِي الْوَقْفَ، وَفِيهِ مَسَائِلُ.
[الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى: قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، فَلَا تَرْتِيبَ، بَلْ يُسَوَّى بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَلَوْ زَادَ فَقَالَ: مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَكَذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّعْمِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: قَوْلُهُ: بَطَنًا بَعْدَ بَطْنٍ، يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا تَنَاسَلُوا، أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ وَاحِدٌ، وَلَا إِلَى الثَّالِثِ مَا بَقِيَ مِنَ الثَّانِي أَحَدٌ، كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ. وَالْقِيَاسُ فِيمَا إِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، أَنْ يَجِيءَ فِي نَصِيبِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ، أَوْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَمَاتَ وَاحِدٌ، فَإِلَى مَنْ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ؟ وَلَمْ أَرَ تَعَرُّضًا إِلَيْهِ إِلَّا لِأَبِي الْفَرَجِ السَّرَخْسِيِّ، فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، وَحَكَى فِيهِمَا وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ «الْإِيضَاحِ» أَنْ يُصْرَفَ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute