فَرْعٌ
لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ، وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَلَا يَجُوزُ ضَمُّ الضَّمَانِ إِلَى مَالِ الْوَقْفِ، وَإِقْرَاضُ مَالِ الْوَقْفِ، حُكْمُهُ حُكْمُ إِقْرَاضِ مَالِ الصَّبِيِّ.
لِلْوَاقِفِ أَنْ يَعْزِلَ مَنْ وَلَّاهُ وَيُنَصِّبَ غَيْرَهُ، كَمَا يَعْزِلُ الْوَكِيلُ، وَكَأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ نَائِبٌ عَنْهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ، وَفِي وَجْهٍ: لَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ فَلَا تَبْقَى وِلَايَتُهُ عَلَيْهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي التَّوْلِيَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ دُونَ مَا إِذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ التَّوْلِيَةُ لِفُلَانٍ، لِأَنَّ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ مَدْرَسَةً عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ قَالَ لِعَالَمٍ: فَوَّضْتُ إِلَيْكَ تَدْرِيسَهَا، أَوِ اذْهَبْ وَدَرِّسْ فِيهَا، كَانَ لَهُ إِبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُدَرِّسَهَا، أَوْ قَالَ حَالَ الْوَقْفِ: فَوَّضْتُ تَدْرِيسَهَا إِلَى فُلَانٍ، فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ تَبْدِيلُهُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْفُقَرَاءِ، لَا يَجُوزُ التَّبْدِيلُ بِالْأَغْنِيَاءِ، وَهَذَا حَسَنٌ فِي صِيغَةِ الشَّرْطِ، وَغَيْرُ مُتَّضِحٍ فِي قَوْلِهِ: وَقَفْتُهَا وَفَوَّضْتُ التَّدْرِيسَ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ، هُوَ الْأَصَحُّ، أَوِ الصَّحِيحُ، وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَكَرَ، وَمَنْ أَطْلَقَهَا، فَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاقِفِ تَبْدِيلٌ مِنْ شَرْطِ النَّظَرِ لَهُ حَالَ إِنْشَاءِ الْوَقْفِ، وَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَبْدِيلِهِ، وَلَا حُكْمَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute