قُلْتُ: قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» بِأَنَّهُ لِلِابْنِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَقْبَلَهَا لِوَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَثِمَ، قَالَ: وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ، يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَالْوَصِيَّةَ لِلصَّغِيرِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْوَصِيُّ الْوَصِيَّةَ وَالْهَدِيَّةَ، أَثِمَ، وَانْعَزَلَ لِتَرْكِهِ النَّظَرَ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ قَالَ: تَكُونُ مِلْكًا لِلْأَبِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَ التَّقَرُّبَ إِلَيْهِ، وَهَذَا أَقْوَى، وَأَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
السَّابِعَةُ: بَعَثَ إِلَيْهِ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ، وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا رَدُّ الظَّرْفِ، لَمْ يَكُنِ الظَّرْفُ هَدِيَّةً، فَإِنْ كَانَ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُرَدَّ كَقَوْصَرَّةِ التَّمْرِ، فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا، وَقَدْ يُمَيَّزُ الْقِسْمَانِ بِكَوْنِهِ مَشْدُودًا فِيهِ، وَغَيْرَ مَشْدُودٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الظَّرْفُ هَدِيَّةً، كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ. وَأَمَّا فِيهَا، فَإِنِ اقْتَضَتِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ، لَزِمَ تَفْرِيغُهُ. وَإِنِ اقْتَضَتِ التَّنَاوُلَ مِنْهُ، جَازَ التَّنَاوُلُ مِنْهُ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَكُونُ عَارِيَةً.
الثَّامِنَةُ: بَعَثَ كِتَابًا إِلَى حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ، وَكَتَبَ فِيهِ أَنِ اكْتُبِ الْجَوَابَ عَلَى ظَهْرِهِ، لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِلَّا، فَهُوَ هَدِيَّةٌ يَمْلِكُهَا الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُبْقَى عَلَى مِلْكِ الْكَاتِبِ، وَلِلْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي حَكَاهُ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» عَنْ حِكَايَةِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
التَّاسِعَةُ: أَعْطَاهُ دِرْهَمًا وَقَالَ: ادْخُلْ بِهِ الْحَمَّامَ، أَوْ دَرَاهِمَ وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِكَ عِمَامَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّهُ إِنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، مَلَكَهُ وَتَصَرَّفَ [فِيهِ] كَيْفَ شَاءَ. وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ تَحْصِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute