كَمَا لَوِ اسْتَعَانَ بِهِ فِي تَعْرِيفِ مَا الْتَقَطَهُ بِنَفْسِهِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ وَجْهَيْنِ.
أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُ: الْمَنْعُ. وَقِيَاسُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ سُقُوطُهُ. الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَأْخُذَهُ وَلَا يُقِرَّهُ، بَلْ يُهْمِلُهُ وَيُعْرِضُ عَنْهُ. فَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ كَمَا كَانَ، وَلَا يُطَالِبُ بِهِ السَّيِّدُ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ، لِأَنَّهُ لَا تَعَدِّيَ مِنْهُ، وَلَا أَثَرَ لِعِلْمِهِ، كَمَا لَوْ رَأَى عَبْدَهُ يُتْلِفُ مَالًا فَلَمْ يَمْنَعْهُ، وَنَقَلَ الرَّبِيعُ تَعَلُّقَهُ بِالْعَبْدِ، وَبِجَمِيعِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. وَعَكَسَ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ، فَنَسَبَا الْأَوَّلَ إِلَى الرَّبِيعِ، وَالثَّانِيَ إِلَى الْمُزَنِيِّ. وَالصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ، مَا سَبَقَ ثُمَّ فِيهِمَا أَرْبَعَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: تَعَلُّقُهُ بِالْعَبْدِ، وَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ، لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ. وَلَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ، قُدِّمَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ فِي الْعَبْدِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. وَمَنْ قَالَ بِهِ، لَمْ يُسَلِّمْ عَدَمَ وُجُوبِ الضَّمَانِ إِذَا رَأَى عَبْدَهُ يُتْلِفُ مَالًا فَلَمْ يَمْنَعْهُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: حَمْلُ نَقْلِ الْمُزَنِيِّ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُمَيِّزًا، وَنَقْلِ الرَّبِيعِ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَالثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِنَقْلِ الْمُزَنِيِّ فِي النَّقْلِ. وَالرَّابِعُ: الْقَطْعُ بِنَقْلِ الرَّبِيعِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَغَلَّطُوا الْمُزَنِيَّ فِي النَّقْلِ هَذَا كُلُّهُ إِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ. فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ، صَحَّ تَعْرِيفُهُ، وَلَيْسَ لَهُ التَّعْرِيفُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَهُ التَّمَلُّكُ لِلسَّيِّدِ بِإِذْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ كَاتِّهَابِهِ وَشِرَائِهِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ قِيلَ: لَا يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ. وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ كَالِالْتِقَاطِ. قَالَ الْإِمَامُ: لَكِنْ إِنْ قُلْنَا: انْقِضَاءُ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ تُوجِبُ الْمِلْكَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَصِحُّ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ، كَمَا لَا يَثْبُتُ إِذَا عَرَّفَ مَنْ قَصَدَ الْحِفْظَ. ثُمَّ لَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَعْلَمَ السَّيِّدُ بِالِالْتِقَاطِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْعَبْدِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ مُعْرِضًا عَنِ التَّعْرِيفِ، فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْحُرِّ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ التَّعْرِيفِ. وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، أَوْ تَمَلَّكَهُ لِنَفْسِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ، فَهَلْ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ فَاسِدًا وَأَتْلَفَهُ، أَمْ بِرَقَبَتِهِ كَالْمَغْصُوبِ؟ وَجْهَانِ. وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي «الْفُرُوقِ» ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute