صِحَّةُ الْتِقَاطِهِ. ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ فِي الْمُكَاتَبِ كِتَابَةٌ صَحِيحَةٌ. فَأَمَّا الْفَاسِدَةُ، فَكَالْقِنِّ قَطْعًا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ فِي النَّوْعَيْنِ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ، تَفْرِيعًا عَلَى الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ، أَنَّ فِي إِبْقَاءِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ قَوْلَيْنِ كَمَا سَبَقَ فِي الْفَاسِقِ، وَكُتُبُهُمْ سَاكِتَةٌ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ صَحَّحْنَا الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ، عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَهَا وَيَكُونُ بَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ. وَفِي تَقَدُّمِ الْمَالِكِ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَجْهَانِ فِي «أَمَالِي» أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ. وَإِذَا أُعْتِقَ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، أَتَمَّ التَّعْرِيفَ وَتَمَلَّكَ. وَإِنْ عَادَ إِلَى الرِّقِّ قَبْلَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، فَالْمَنْقُولُ عَنِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُهَا وَيَحْفَظُهَا لِلْمَالِكِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُهَا وَتَمَلُّكُهَا، لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِلسَّيِّدِ، فَلَا يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْأَخْذُ، وَالتَّمَلُّكُ، لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ اكْتِسَابٌ، وَأَكْسَابُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ. قَالَ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، أَوِ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِلسَّيِّدِ التَّعْرِيفُ، وَالتَّمَلُّكُ، كَمَا أَنَّ الْحُرَّ إِذَا الْتَقَطَ وَمَاتَ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، يُعَرِّفُ الْوَارِثُ وَيَتَمَلَّكُ. وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحِ الْتِقَاطَهُ فَالْتَقَطَ، صَارَ ضَامِنًا، وَلَا يَأْخُذُ السَّيِّدُ اللُّقَطَةَ مِنْهُ، بَلْ يَأْخُذُهَا الْقَاضِي وَيَحْفَظُهَا، هَكَذَا ذَكَرُوهُ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: ذَكَرْتُمْ تَفْرِيعًا عَلَى مَنْعِ الْتِقَاطِ الْقِنِّ، أَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَخَذَهَا وَيَكُونُ مُلْتَقِطًا، وَلَمْ تَعْتَبِرُوا الْوِلَايَةَ، وَلَيْسَ السَّيِّدُ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ بِأَدْنَى حَالًا مِنَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْقِنِّ. ثُمَّ إِذَا أَخَذَهَا الْحَاكِمُ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ مِنَ الضَّمَانِ. ثُمَّ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يُعَرِّفُهَا، فَذًّا انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّعْرِيفِ، تَمَلَّكَهَا الْمُكَاتَبُ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّمَلُّكُ، فَإِنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى فَسَادِ الِالْتِقَاطِ، لَكِنْ إِذَا [أَخَذَهَا] حَفِظَهَا إِلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute