للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

الْمُلْتَقِطُ الْبَلَدِيُّ، إِذَا وَجَدَ لَقِيطًا فِي بَلْدَتِهِ، أَقَرَّ فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى الْبَادِيَةِ إِنْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ [إِلَيْهَا] ، بَلْ يُنْتَزَعُ مِنْهُ لِمَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَيْشَ الْبَادِيَةِ خَشِنٌ، وَيَفُوتُهُ الْعِلْمُ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ. وَالثَّانِي: تَعْرِيضُ نَسَبِهِ لِلضَّيَاعِ. فَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الْمُنْتَقَلُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَادِيَةِ فِي بَيَاضِ الْبَلْدَةِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ مَا يُرَادُ مِنْهَا، فَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ: لَا يُمْنَعُ. وَعَلَى الثَّانِي: إِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَخْتَلِطُونَ بِهِمْ، فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا، مُنِعَ. وَكَمَا لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى الْبَادِيَةِ، فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى قَرْيَةٍ. وَلَوْ أَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى، أَوِ الْتَقَطَهُ غَرِيبٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَأَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى بَلْدَتِهِ، فَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ: لَا يُمْنَعُ، وَعَلَى الثَّانِي: يُمْنَعُ وَيُنْتَزَعُ اللَّقِيطُ مِنْهُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَالزِّيَارَةِ. وَلَوْ وَجَدَ الْقَرَوِيُّ لَقِيطًا فِي قَرْيَتِهِ أَوْ قَرْيَةٍ أُخْرَى أَوْ [فِي] بَلْدَةٍ، يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَلَدِيِّ. وَلَوْ وَجَدَ الْحَضَرِيُّ اللَّقِيطَ فِي بَادِيَةٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ فِي مَهْلَكَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ، وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى مَقْصِدِهِ. وَمَنْ قَالَ فِي اللُّقَطَةِ: يُعَرِّفُهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ، يُشْبِهُ أَنْ يَقُولَ: لَا يَذْهَبُ بِهِ إِلَى مَقْصِدِهِ رِعَايَةً لِلنَّسَبِ. وَإِنْ كَانَ فِي حِلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ، فَلَهُ نَقْلُهُ إِلَى الْبَلْدَةِ وَالْقَرْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ. وَلَوْ أَقَامَ هُنَاكَ، أَقَرَّ فِي يَدِهِ قَطْعًا. أَمَّا الْبَدَوِيُّ، فَإِذَا الْتَقَطَ فِي قَرْيَةٍ، أَوْ بَلْدَةٍ، وَأَرَادَ الْمُقَامَ بِهَا أَقَرَّ فِي يَدِهِ. وَإِنْ أَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى الْبَادِيَةِ، أَوْ قَرْيَةٍ، أَوْ بَلْدَةٍ أُخْرَى، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَضَرِيِّ. وَإِنْ وَجَدَهُ فِي حِلَّةٍ، أَوْ قَبِيلَةٍ فِي الْبَادِيَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِلَّةٍ مُقِيمِينَ فِي مَوْضِعٍ رَاتِبٍ، أَقَرَّ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعِ مُنْتَجِعِينَ، فَفِي مَنْعِهِ وَجْهَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>