بِالْأَبِ فِي ذَلِكَ، وَسَبَقَ مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ فِي إِنْفَاقِ الْمَالِكِ عِنْدَ هَرَبِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ، وَالْجَمَّالِ، وَأَجْرَاهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ فِي إِنْفَاقِ قَيِّمِ الطِّفْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ اللَّقِيطَ لَا وَلِيَّ لَهُ فِي الظَّاهِرِ. رَجَعْنَا إِلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ لِلْمُلْتَقِطِ فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ اللَّقِيطِ، فَالْأَكْثَرُونَ طَرَدُوا الطَّرِيقَيْنِ فِي جَوَازِهِ، وَالْأَحْسَنُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَهُوَ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ كَقَيِّمِ الْيَتِيمِ يَأْذَنُ لَهُ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي تَسْلِيمِ مَا اقْتَرَضَهُ الْقَاضِي عَلَى الجَّمَّالِ الْهَارِبِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا ذِكْرَ لَهُ هُنَاكَ. وَإِذَا جَوَّزْنَاهُ، فَبَلَغَ اللَّقِيطُ وَاخْتَلَفَا فِيمَا أَنْفَقَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ إِذَا ادَّعَى قُدِّرَ الْإِيفَاءُ فِي الْحَالِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي هَرَبِ الجَّمَّالِ وَجْهٌ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الجَّمَّالِ، وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ هُنَا. وَإِنِ ادَّعَى زِيَادَةً عَلَى اللَّائِقِ، فَهُوَ مَقِرٌّ بِتَفْرِيطِهِ، فَيَضْمَنُ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّحْلِيفِ. قَالَ الْإِمَامُ: لَكِنْ لَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي عَيْنٍ، فَزَعَمَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ أَنْفَقَهَا، فَيُصَدَّقُ لِتَنْقَطِعَ الْمُطَالَبَةُ بِالْعَيْنِ، ثُمَّ يَضْمَنُ كَالْغَاصِبِ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَمْكَنَ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ، فَهَلْ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ اللَّقِيطِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، أَمْ يَدْفَعُهُ إِلَى أَمِينٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ أَشْهَدَ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اللَّقِيطِ
هِيَ أَرْبَعَةٌ.
الْأَوَّلُ: الْإِسْلَامُ، وَإِسْلَامُ الشَّخْصِ قَدْ يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ اسْتِقْلَالًا، وَقَدْ يَثْبُتُ تَبَعًا. أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، فَالْبَالِغُ الْعَاقِلُ، يَصِحُّ مِنْهُ مُبَاشَرَةُ الْإِسْلَامِ بِالنُّطْقِ إِنْ كَانَ نَاطِقًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute