للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلْحَقْنَاهُ بِدَارِ الْحَرْبِ. فَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ مِمَّا يُقِرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، قَرَّرْنَاهُ بِرِضَاهُ. وَإِنْ وَصَفَ كُفْرًا غَيْرَ مَا كَانَ مَوْصُوفًا بِهِ، فَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ مِلَّةٍ إِلَى مِلَّةٍ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا تَجْهِيزُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَبْلَ الْإِفْصَاحِ، فَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهُ لَوْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ كَانَ كَافِرًا أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا؟ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَتَسَاهَلَ فِي ذَلِكَ وَيُقَامَ فِيهِ شِعَارُ الْإِسْلَامِ.

قُلْتُ: الَّذِي رَآهُ الْإِمَامُ هُوَ الْمُخْتَارُ أَوِ الصَّوَابُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ، وَظَاهِرُهُ الْإِسْلَامُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ: تَبَعِيَّةُ الدَّارِ. فَاللَّقِيطُ يُوجَدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ دَارِ الْكُفْرِ. الْحَالُ الْأَوَّلُ: دَارُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ. أَحَدُهَا: دَارٌ يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ، فَاللَّقِيطُ الْمَوْجُودُ فِيهَا مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ، تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ. الثَّانِي: دَارٌ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَأَقَرُّوهَا فِي يَدِ الْكُفَّارِ بِجِزْيَةٍ، فَقَدْ مَلَكُوهَا، أَوْ صَالَحُوهُمْ وَلَمْ يَمْلِكُوهَا، فَاللَّقِيطُ فِيهَا مُسْلِمٌ إِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ، وَإِلَّا، فَكَافِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: مُسْلِمٌ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَلَدُ مَنْ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ مِنْهُمْ.

الثَّالِثُ: دَارٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْكُنُونَهَا، ثُمَّ جَلَوْا عَنْهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَنْ يُعْرَفُ بِالْإِسْلَامِ، فَهُوَ كَافِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مُسْلِمٌ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ فِيهَا كَاتِمَ إِسْلَامِهِ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ. وَأَمَّا عَدُّ الْأَصْحَابِ الضَّرْبَ الثَّالِثَ دَارَ إِسْلَامٍ، فَقَدْ يُوجَدُ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ الْقَدِيمَ يَكْفِي لِاسْتِمْرَارِ الْحُكْمِ، وَرَأَيْتُ لِبَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>