للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّجْعَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَقَرَاءٍ. وَالثَّانِي: تَعْتَدُّ بِقُرْئَيْنِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ كَإِرْقَاقِ أَوْلَادِهَا، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ. وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَهُوَ كَالرَّجْعِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِيهِمَا لَا تَخْتَلِفُ. وَالثَّانِي: تَعْتَدُّ بِقُرْئَيْنِ مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ وَلَيْسَتْ لِلزَّوْجِ رَجْعَةٌ. وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، فَإِنَّهَا بِشَهْرَيْنِ، وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ، عِدَّةُ الْإِمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَقَرَّتْ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَبِلَ فِي قَوْلِهَا انْتِقَاضَهَا، وَلَيْسَ فِيهَا إِضْرَارٌ بِأَحَدٍ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ أَصْلًا، لِأَنَّهَا تَزْعُمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ، فَعَلَى هَذَا، إِنْ جَرَى دُخُولٌ، لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقَوْلُ فِي أَنَّهُ بِقُرْءٍ، أَمْ بِقُرْئَيْنِ، عَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَوْلِ. فَإِنْ لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ، فَهَلْ تَسْتَبْرِئُ بِقُرْءٍ كَمَا لَوِ اشْتَرَيْتُ مِنِ امْرَأَةٍ، أَوْ مَجْبُوبٍ، أَمْ لَا اسْتِبْرَاءَ أَصْلًا لِانْقِطَاعِ حُقُوقِ الزَّوْجِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَبِالثَّانِي قَطَعَ الْغَزَالِيُّ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْمُقِرُّ أُنْثَى. فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَبَلَغَ، وَنَكَحَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ، فَإِنْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ مُطْلَقًا، فَهَذَا نِكَاحٌ فَاسِدٌ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَهْرَ إِنْ لَمْ يَقَعْ دُخُولٌ، وَإِنْ وَقَعَ، فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ فِي «الْمُهَذَّبِ» - وَأَبْدَاهُ الْإِمَامُ احْتِمَالًا -: أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى. ثُمَّ مُتَعَلَّقُ الْوَاجِبِ ذِمَّتُهُ، أَمْ رَقَبَتُهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ. وَإِنْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ فِيمَا يَضُرُّهُ دُونَ غَيْرِهِ، حَكَمْنَا بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَلَمْ نَقْبَلْ قَوْلَهُ فِي الْمَهْرِ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى إِنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَجَمِيعُهُ إِنْ دَخَلَ، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ، أَوْ مِنْ كَسْبِهِ فِي الْحَالِ، أَوِ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يُعْتَقَ.

الْفَرْعُ الثَّانِي: إِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ، وَفِي يَدِهِ أَمْوَالٌ، فَإِنْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ مُطْلَقًا، فَالْأَمْوَالُ تُسَلَّمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَالدُّيُونُ فِي ذِمَّتِهِ. وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فِيمَا يَضُرُّهُ دُونَ غَيْرِهِ، قَضَيْنَا الدُّيُونَ مِمَّا فِي يَدِهِ. فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ شَيْءٌ، فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ، فَفِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>