للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَرِثُ ابْنُ الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُهُ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ. فَإِذَا لَمْ تَرِثْ بِنْتُ الْأَخِ، فَبِنْتُ الْمُعْتِقِ أَوْلَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَتَعَصَّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ تَرْتِيبُهُمْ فِي الْوَلَاءِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي النَّسَبِ، فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمُعْتِقِ وَابْنُ ابْنِهِ عَلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ، لَكِنْ يَفْتَرِقُ التَّرْتِيبَانِ فِي مَسَائِلَ.

إِحْدَاهَا: فِي الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ طَرِيقَانِ: الْمَذْهَبُ: يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ كَمَا فِي النَّسَبِ. وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ: ثَانِيهِمَا: يَتَسَاوَيَانِ، إِذْ لَا مَدْخَلَ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ هَنَا. الثَّانِيَةُ: فِي الْجَدِّ وَالْأَخِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ: أَنَّ الْأَخَ مُقَدَّمٌ. وَالثَّانِي: يَتَسَاوَيَانِ كَالنَّسَبِ، وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيُّ. فَإِنْ قُلْنَا: يَتَسَاوَيَانِ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا نَقَلَهُ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لِلْجَدِّ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْمَالِ، كَمَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّسَبِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ فِي الْوَلَاءِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: الْقَطْعُ بِالْمُقَاسَمَةِ أَبَدًا. وَلَوِ اجْتَمَعَ مَعَ جَدِّ الْمُعْتِقِ إِخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ، وَإِخْوَةٌ لِأَبٍ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ اللَّبَّانِ: يُعَدُّ الْإِخْوَةُ مِنَ الْأَبِ عَلَى الْجَدِّ، كَمَا فِي النَّسَبِ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْأَكْثَرُونَ: لَا يُعَدُّونَ، بَلِ الْجَدُّ وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ يَقْتَسِمَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ قَدْ يَأْخُذُونَ شَيْئًا فِي النَّسَبِ، كَمَا إِذَا كَانَ مَعَهُمْ أُخْتٌ لِلْأَبَوَيْنِ وَجَدٌّ، وَهُنَا لَا يَأْخُذُونَ شَيْئًا بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ هُنَا إِلَّا ذَكَرٌ، وَلَا يَرِثُ الْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ، فَيَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْقِسْمَةِ مَنْ لَا يَأْخُذُ بِحَالٍ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْجَدُّ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْأَخِ عَلَى الْأَصَحِّ كَالنَّسَبِ. وَقِيلَ: يَسْتَوِيَانِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: الْأَخُ أَوْلَى مِنْ أَبِي الْجَدِّ، وَأَبُو الْجَدِّ مَعَ ابْنِ الْأَخِ يَسْتَوِيَانِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّ الْأَخَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ، فَابْنُ الْأَخِ مُقَدَّمٌ أَيْضًا كَابْنِ الِابْنِ، وَالْقَوْلَانِ فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ يَجْرِيَانِ فِي الْعَمِّ مَعَ أَبِي الْجَدِّ، وَفِي كُلِّ عَمٍّ اجْتَمَعَ هُوَ وَجَدٌّ إِذَا أَدْلَى ذَلِكَ الْعَمُّ بِابْنِ ذَلِكَ الْجَدِّ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>