وَلَيْسَ مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ مَا إِذَا قَبَضَ الْيَدَ وَبَسَطَهَا - فَإِنَّ هَذِهِ الْحَرَكَةَ تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ قَطْعًا - وَلَا الِاخْتِلَاجَ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ لِانْضِغَاطِ وَتَقَلُّصِ عَصَبٍ فِيمَا أَظُنُّ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَرَكَتَيْنِ. وَالظَّاهِرُ: كَيْفَمَا قُدِّرَ الْخِلَافُ: أَنَّ مَا لَا تُعْلَمُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لِانْتِشَارٍ بِسَبَبِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَضِيقِ أَوْ لِاسْتِوَاءٍ عَنِ الْتِوَاءٍ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ.
فَرْعٌ
لَوْ ذُبِحَ رَجُلٌ، فَمَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ يَتَحَرَّكُ، لَمْ يَرِثْهُ الْمَذْبُوحُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَرِثُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ قَرِيبًا مِنْهُ عَنِ الْمُزَنِيُّ.
قُلْتُ: هَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: مَنْ صَارَ فِي حَالِ النَّزْعِ، فَلَهُ حُكْمُ الْمَيِّتِ، فَكَيْفَ الظَّنُّ بِالْمَذْبُوحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِيمَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ، وَمَتَى ظَهَرَتْ مَخَايِلُ الْحَمْلِ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوَقُّفِ كَمَا سَنُفَصِّلُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مَخَايِلُهُ، وَادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الْحَمْلَ، وَوَصَفَتْ عَلَامَاتٍ خَفِيَّةً، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ. وَالظَّاهِرُ: الِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهَا. وَطَرْدُ التَّرَدُّدِ فِيمَا إِذَا لَمْ تَدَّعِهِ لَكِنَّهَا قَرِيبَةُ عَهْدٍ بِالْوَطْءِ، وَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ قَرِيبٌ. إِذَا عُرِفَ هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ الْمُنْتَظَرِ، وَقَفْنَا الْمَالَ إِلَى أَنْ يَنْفَصِلَ. وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ، فَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو خَلَفٍ قَوْلًا عَنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ: أَنَّهُ يُوقَفُ جَمِيعُ الْمَالِ. وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ لَا يُوقَفُ الْجَمِيعُ، بَلْ يُنْظَرُ فِي الْوَرَثَةِ الظَّاهِرِينَ، فَمَنِ احْتَمَلَ حَجْبُهُ بِالْحَمْلِ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ لَا يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ بِحَالٍ وَلَهُ مُقَدَّرٌ لَا يُنْقَصُ دَفَعَ إِلَيْهِ. وَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْلُ، دُفِعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَائِلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute