الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُوصِي، وَإِمَّا لِلْوَرَثَةِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: لِأَجْنَبِيٍّ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ. ثُمَّ لَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَسْتَمِرَّ رِقُّهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَسْتَمِرَّ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَسْتَمِرَّ رِقُّهُ، فَالْوَصِيَّةُ لِلسَّيِّدِ حَتَّى لَوْ قَتَلَ الْمُوصِي الْعَبْدَ الْمُوصَى لَهُ لَمْ تَبْطُلِ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ قَتَلَهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ، كَانَتْ وَصِيَّتُهُ لِلْقَاتِلِ. وَفِي افْتِقَارِ قَبُولِ الْعَبْدِ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي بَابِ «مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ» . أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَلَا. يَصِحُّ مِنَ السَّيِّدِ مُبَاشَرَةُ الْقَبُولِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ، وَالْوَجْهَانِ فِيمَا حُكِيَ مَخْصُوصَانِ بِقَوْلِنَا: إِنَّ قَبُولَ الْعَبْدِ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُعَمَّمَا ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ بِكُلِّ حَالٍ، فَلَا يَبْعُدُ تَصْحِيحُ الْقَبُولِ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فِي الْوَصِيَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَارِثَ الْمُوصَى لَهُ يَقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فِي الْوَصِيَّةِ. وَأَمَّا قَبُولُ السَّيِّدِ مَا وُهِبَ لِعَبْدِهِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: هُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا ; لِأَنَّ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ بِخِلَافِ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا صَحَّحْنَا قَبُولَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، فَلَوْ مَنَعَهُ مِنَ الْقَبُولِ فَقَبِلَ، قَالَ الْإِمَامُ: الظَّاهِرُ عِنْدِي الصِّحَّةُ، وَحُصُولُ الْمِلْكِ لِلسَّيِّدِ، كَمَا لَوْ نَهَاهُ عَنِ الْخَلْعِ فَخَالَعَ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ بِلَا إِذْنٍ، فَلَوْ رَدَّ السَّيِّدُ، فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ عَدَمِ الْإِذْنِ. فَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِي الْقَبُولِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، قَالَ: وَإِذَا صَحَّحْنَا الْقَبُولَ مِنَ السَّيِّدِ، فَيَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ رَدُّ الْعَبْدِ لَوْ رَدَّهُ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَسْتَمِرَّ، بَلْ يُعْتَقَ. فَيُنْظَرُ إِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَالِاسْتِحْقَاقُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْمِلْكِ حُرٌّ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَإِنْ قَبِلَ ثُمَّ عَتَقَ، فَالِاسْتِحْقَاقُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ عَتَقَ ثُمَّ قَبِلَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْوَصِيَّةُ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ، أَوْ مَوْقُوفَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute