فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ إِنْ جَعَلْنَاهَا ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ، فَإِنَّ الْهِبَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَلْزَمُ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: التَّنْفِيذُ فِي الْقَدْرِ الْمَظْنُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَنْفِيذٌ، فَتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِبْرَاءِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، فَإِذَا حَلَفَ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ. وَاللَّفْظُ الْمَحْكِيُّ عَنِ النَّصِّ يُنَازِعُهُ فِيمَا ادَّعَاهُ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُوصَى لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا قَدْرَ التَّرِكَةِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لَزِمَتْ إِنْ جَعَلْنَاهَا تَنْفِيذًا، وَإِنْ قُلْنَا: عَطِيَّةٌ، فَلَا إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْقَبْضُ. وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ، فَأَجَازَ، ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْتُ التَّرِكَةَ كَثِيرَةً وَأَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ، أَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ لَمْ أَعْلَمْهُ، أَوْ بَانَ لِي أَنَّهُ تَلِفَ بَعْضُهَا، فَإِنْ قُلْنَا: الْإِجَازَةُ عَطِيَّةٌ، صَحَّتْ ; لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ، وَالْجَهَالَةُ فِي غَيْرِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: تَنْفِيذٌ، فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ لِلْعِلْمِ بِالْعَبْدِ. وَالثَّانِي: يَحْلِفُ وَلَا يُلْزَمُ إِلَّا الثُّلُثَ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمُشَاعِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُتَوَلِّي.
الْخَامِسُ: الِاعْتِبَارُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَابْنٍ لَهُ، فَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ قَبْلَ مَوْتِهِ صَحَّتْ. وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ، فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْمُوصِي، فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَذَكَرْنَا فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ خِلَافًا فِي أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِيَوْمِ الْإِقْرَارِ، أَمِ الْمَوْتِ؟ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِقْرَارَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَلَا ثَبَاتَ لَهَا قَبْلَهُ.
السَّادِسُ: إِذَا أَوْصَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا وَصِيَّةٍ. وَيَجِئُ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَنَّهُ يَصِحُّ ; لِأَنَّ صَاحِبَ «التَّتِمَّةِ» حَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا وَارِثٌ وَاحِدٌ فَأَوْصَى لَهُ بِمَالِهِ، الصَّحِيحُ مِنْهُمَا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ، وَيَأْخُذُ التَّرِكَةَ بِالْإِرْثِ. وَالثَّانِي: تَصِحُّ، فَيَأْخُذُهَا بِالْوَصِيَّةِ إِذَا لَمْ يَنْقُضْهَا، قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إِذَا ظَهَرَ دَيْنٌ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ أَخَذَ التَّرِكَةَ إِرْثًا، فَلَهُ إِمْسَاكُهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا. وَإِنْ قُلْنَا بِالْوَصِيَّةِ، قَضَاهُ مِنْهَا وَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الِامْتِنَاعُ لَوْ قَضَى مِنْ غَيْرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute