للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُلُثُ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ إِبْطَالُ الْوَقْفِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ; لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ نَافِذٌ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْوَارِثِ عَنِ الثُّلُثِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَتَمَكُّنُهُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ، لَمْ يَبْطُلِ الْوَقْفُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ، فَلَيْسَ لِلْمَرِيضِ تَفْوِيتُهَا عَلَى الْوَارِثِ، فَلِلْوَارِثِ رَدُّهَا وَإِبْطَالُهَا. فَإِنْ أَجَازَ، فَإِجَازَتُهُ وَقْفٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ جَعْلَنَا إِجَازَةَ الْوَارِثِ عَطِيَّةً مِنْهُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَنْفِيذًا لَزِمَ الْوَقْفُ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَهُ رَدُّ الْكُلِّ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ فِي حَقِّ الْوَارِثِ كَهِيَ بِالزِّيَادَةِ فِي حَقٍّ غَيْرِ الْوَارِثِ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ قَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَعَلَيْهِ تَتَفَرَّعُ الصُّوَرُ الْآتِيَةُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. ثُمَّ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إِذَا نَجَزَ الْوَقْفُ فِي مَرَضِهِ، وَكَانَ الِابْنُ طِفْلًا فَقَبِلَهُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ الِابْنُ الرَّدَّ أَوِ الْإِجَازَةَ، لَكِنْ لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَقَبِلَهُ بِنَفْسِهِ، لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ، إِذِ الْإِجَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ، وَبِنْتٌ، فَوَقَفَ ثُلُثَ الدَّارِ عَلَى الِابْنِ، وَالثُّلُثَ عَلَى الْبِنْتِ، فَلَا رَدَّ لَهُمَا إِنْ خَرَجَتِ الدَّارُ مِنَ الثُّلُثِ. وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ، فَلَهُمَا رَدُّ الْوَقْفِ فِي الزِّيَادَةِ. وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهَا، فَإِنْ رَضِيَ الِابْنُ فَهِيَ كَمَا وَقَفَ، وَإِلَّا، فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَدَّادِ: أَنَّ لَهُ رَدَّ الْوَقْفِ فِي رُبُعِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ النِّصْفَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْبِنْتِ الرُّبُعَ، فَإِذَا زَادَ، كَانَ لِلِابْنِ رَدُّهُ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ شَيْءٌ مِنْهُ وَقْفًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ إِلَّا النِّصْفَ، بَلْ يَكُونُ الرُّبُعُ الْمَرْدُودُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا مِلْكًا، وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ، لِحَاجَتِنَا إِلَى عَدَدٍ لِرُبُعِهِ ثُلُثٌ، فَتِسْعَةٌ مِنْهَا وَقْفٌ عَلَيْهِمَا، وَثَلَاثَةٌ مِلْكٌ، وَكِلَاهُمَا بِالْأَثْلَاثِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: عِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ إِبْطَالُ الْوَقْفِ إِلَّا فِي سُدُسِ الدَّارِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>