للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

لَوْ نُكِحَتِ الْمَرِيضَةُ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَالنُّقْصَانُ تَبَرُّعٌ عَلَى الْوَارِثِ، فَلِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ وَتَكْمِيلُ مَهْرِ الْمِثْلِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا، بِأَنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ مُسْلِمًا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ، لَمْ يُكْمَلْ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا النَّقْصُ مِنَ الثُّلُثِ. وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً فِي حَقِّ الْوَارِثِ، وَلَمْ يُجْعَلْ وَصِيَّةً فِي الِاعْتِبَارِ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ تَفْوِيتِ مَا عِنْدَهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ، إِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنَ الْكَسْبِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَنْعَ فِيمَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ لِلْوَارِثِ وَانْتِفَاعُهُ بِهِ، وَالْبُضْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إِذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ - فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ - بِفَرْقَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَهْرٍ يَقْتَضِي مَهْرَ الْمِثْلِ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِدُونِهِ، فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ، فَصَارَ كَالْإِبْرَاءِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي الْمَهْرِ فِيهَا نَوْعُ عَارٍ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَأُثْبِتَ لَهُمْ وِلَايَةُ رَفْعِهَا، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ.

قُلْتُ: هَذَانِ الْفَرْقَانِ ضَعِيفَانِ جِدًّا. وَكَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَشَذَّ بِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ: إِجَارَةُ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ وَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِمَا دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، مُعْتَبَرَةٌ مِنَ الثُّلُثِ. وَكَذَلِكَ إِعَارَتُهَا. حَتَّى لَوِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوِ الْإِعَارَةِ فِي مَرَضِهِ، وَاسْتَرَدَّ الْعَيْنَ، اعْتُبِرَ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ وَجَمِيعُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِعَارَةِ مِنَ الثُّلُثِ. وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ بِمُحَابَاةٍ، أَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ مُتَبَرِّعًا، لَمْ يُحْسَبْ مِنَ الثُّلُثِ عَلَى الْأَصَحِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>