وَجْهَانِ:
الْأَصَحُّ: يُشْتَرَطُ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا يُرَاعِي هُنَا إِلَّا الْحُرُوفُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا أَحْسَنَ قِرَاءَةَ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْآيَاتِ، وَفِي الْحُرُوفِ الْخِلَافُ.
وَقَالَ فِي (التَّهْذِيبِ) : يَجِبُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الذِّكْرِ. يُقَامُ كُلُّ نَوْعٍ مُقَامَ آيَةٍ، وَهَذَا أَقْرَبُ، وَهَلِ الدُّعَاءُ الْمَحْضُ كَالذِّكْرِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ، يَقُومُ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالذِّكْرِ الْمَأْتِيِّ بِهِ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْبَدَلِيَّةِ، كَمَنِ اسْتَفْتَحَ، أَوْ تَعَوَّذَ عَلَى قَصْدِ تَحْصِيلِ سُنَّتِهِمَا، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْبَدَلِيَّةِ فِيهِمَا، وَلَا فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْأَذْكَارِ عَلَى الْأَصَحِّ. أَمَّا إِذَا لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا الذِّكْرِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَرْكَعَ، وَلَوْ أَحْسَنَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يُحْسِنْ بَدَلًا، وَجَبَ تَكْرِيرُ مَا أَحْسَنَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ لْبَاقِيهَا بَدَلًا فَوَجْهَانِ: وَقِيلَ: قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يُكَرِّرُهُ، وَأَصَحُّهُمَا يَأْتِي بِهِ وَبِبَدَلِ الْبَاقِي؛ فَعَلَى هَذَا، لَوْ أَحْسَنَ النِّصْفَ الثَّانِي مِنَ الْفَاتِحَةِ دُونَ الْأَوَّلِ، أَتَى بِالذِّكْرِ بَدَلًا عَنِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَأْتِي بِالنِّصْفِ الثَّانِي. فَلَوْ عَكَسَ، لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا: يُكَرِّرُ مَا يُحْسِنُهُ، فَيُكَرِّرُ الْمَحْفُوظَ مَرَّةً بَدَلًا، وَمَرَّةً أَصْلًا.
وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ النِّصْفَ الْأَوَّلَ، كَرَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ: فَيَأْتِي بِهِ، ثُمَّ بِالذِّكْرِ بَدَلًا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ، فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، بِتَلْقِينٍ، أَوْ مُصْحَفٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْبَدَلِ، لَزِمَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْبَدَلِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَعَلَى الضَّعِيفِ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ، بِقَدْرِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَدْ مَضَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْبَدَلِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، كَمَا إِذَا قَدَرَ الْمُكَفِّرُ عَلَى الْإِعْتَاقِ، بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّوْمِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute